بسم الله الرحمن الرحيم
تدل مراجعة سيرة الامام الخميني (قدس سره) النظرية _ العملية، على ان سماحته يرى المطالبة تلك من الحكام، حق ابناء الشعب وصمام امان لسلامة وتطور وحفظ النظام، لانها تؤدي الى ان يكونوا مسؤولين امام الشعب، وهذا بدوره يبعث على تواجد حكم مرغوب فيه. فالمطالبة الاجتماعية والسياسية الهادفة، تنتج عن وصول مسؤولين ومدراء اقوياء الى سدة الحكم، مما يعني، الحصول علىحكم منشود، وترسيخ الانشطة على مسار مقتدر وقانوني في المجتمع، والتوصل الى مجتمع لائق، في النهاية، حيث اوصى الامام الخميني (قدس سره)، حسب رؤيته هذه، الشباب بالمطالبة، والمسؤولين بالاجابة : " اوصي الشبان الاعزاء في معاهد المعلمين والثانويات والجامعات، الوقوف بحزم وشجاعة في مقابل الانحرافات، لكي يصان الاستقلال والحرية لهم ولبلادهم ولشعبهم. " _ (1) ... هذا لايعني انفلات القانون والفوضى او القيام باعمال فردية (صبيانية) ! بل تواجد الفعل ورد الفعل، فيما يتعلق بالمطالبة المذكورة، وهو مرغوب ومتفق عليه ايضا، في مجال القانون والتقاليد الاجتماعية ، ليس فقط بالنسبة للمواطنين، بل، وللمسؤولين، المدراء وقادة المجتمع. فكل دولة تريد ان تصبح مقتدرة، عليها ان تكون مسؤولة امام جميع ابناء الشعب، لانه وفي ظل حكم منشود، يشكل الشعب احد اركانه الرئيسية، ويلعب دورا في حقل التخطيط، رسم السياسة وادارة البلاد. اما في ظل حكم ديكتاتوري، مستبد، لا يتمكن ابناء الشعب فيه بمسائلة حكامهم، ولا هم (اي الحكام) مسؤولون امام الشعب، عما يقومون به !. ان المطالبة الشعبية ومسؤولية الحكم امام الشعب، مشهودة، واضحة في سيرة الامام الخميني (قدس سره) النظرية _ العملية، وخلال حياته. فقد كان سماحته، في فترة الحكم البهلوي، من المسائلين الرئيسيين في المجتمع، فيما يتعلق بالحكام، انذاك، حيث سعى الى دفع وتشجيع الجميع، بما في ذلك المراجع والعلماء، المجاميع والاحزاب، الجامعة والجامعيين وكافة شرائح الشعب، خاصة الطبقة العامة، الى المطالبة (بحقوقهم) من الحكومة، في الاربعينات والخمسينات (من التاريخ الهجري الشمسي)، حيث نصح الشاه واعضاء الحكومة، بالاستماع الى مطالب الشعب والعلماء، لتبقى الحكومة قائمة، وان لم يفعلوا فنهايتهم محتومة. قال سماحته مخاطبا ابناء الشعب على اختلاف مشاربهم، لاسيما العلماء ورجال الدين : " فيا حبذا ان يراها السادة الافاضل غنيمة، ويكتبوا فيها ويعترضوا. ان كتاب الاحزاب السياسية يكتبون الان ويوقعون، ويعترضون، وانتم ايضا، اكتبوا وليوقع مائة من العلماء وينبهوا الى مسائل معينة، وليعترضوا، فاليوم يجب الصراخ والتقدم الى الامام. " _ (2) .لقد استمرت نبرة المطالبة هذه، من الامام الخميني (قدس سره)، ودفع ابناء الشعب الى ذلك، حتى بعد انتصار الثورة الاسلامية، واقامة نظام الجمهورية الاسلامية، موصيا المسؤولين بالاصغاء الى ما يقوله الشعب، لان الحفاظ على البلاد ونجاح الحكومة، يتوقف على ذلك. قال سماحته في هذا المضمار : " ... ان وصيتي الجادة للسادة، بانكم اذا رايتم الحكومة لا تعمل بالشكل المطلوب، فعليكم منذ الان فصاعدا ان تلاحقوها بالمراقبة، وتؤيدوها وتسايروها وتساعدوها، ليصل بلدكم الى شاطئ السلامة، وتجنبوا كل ما لا يرضي الله والشعب ... " _ (3) ... فسماحته يرى، ان المسؤولين في الحكومة، واجبهم تلبية مطالب الشعب. وكان يدعو الى مشاركة ابناء الشعب في كافة شؤون الحكم، معتقدا ان تقدم وتطور البلاد، لا يتم الا بذلك. .. " علينا ان نخرج من مرحلة الكلام وترديد الشعارات، لنصل الى مرحلة العمل، يعني ان على كل وزير في وزارته، ان يلزم نفسه فيما بينه وبين الله، في ان يجند كل العاملين في وزارته، وكل العاملين بامرته، والمنضوين تحت لوائه، ليعاملوا الناس بالحسنى، ويتصرفوا معهم تصرفا سليما. كذلك اشراك الناس في الاعمال. وهذا ما قلته مرارا واكدته، وقد قلتم انتم كذلك، انكم لا تتمكنون من ادارة الدولة بشكل صحيح، ما لم يشارك الشعب فيها...(4).
______
1- صحيفة الامام العربية، ج21، ص 382
2- نفس المصدر، ج 3، ص 231.
3- نفس المصدر، ج 19، ص 364.
4- نفس المصدر، ج 19، ص 354.
______
- محمد رجائي نجاد ...
- القسم العربي، الشؤون الدولية، مؤسسة تنظيم ونشر تراث الامام الخميني( قدس سره). بتصرف .