نهض الامام الخميني (قدس سره) بثورةٍ شعبيةٍ مميَّزة، معيداً الاسلامَ الى حياة الأفراد وساحة المجتمع، وأقام دولةً إسلاميةً وفقَ منهجه، مبنيَّةً على اختيار الشعب، الذي أسقطَ الشاه، وصوَّت لإقامة الجمهورية الاسلامية الايرانية، في حَدَثٍ فريد لم تشهده منطقنا، التي اعتادت على الانقلابات العسكرية، منحِ الاستقلال الصوري المرتبط بمصالح الغرب، وتنصيبِ الحكام بواسطة الأجانب.
الامام الخميني (قدس سره) نموذج وقدوة، طبَّقَ تعاليم القرآن الكريم والسنَّة الشريفة في حياته، فأصبحت أفعاله مدرسةً في السلوك، تحاكي ما وَرَدَ من آيات وروايات، وحقَّقَ حُلمَ الأنبياء، وأطلقَ الصحوةَ الاسلامية في الثلث الأخير من القرن العشرين. [1]
ثورة متميزة وهديةٌ إلهيةٌ
وقد قدّم لنا سماحته قراءاته لانتصار الثورة الإسلامية في إيران، بأنَّها مختلفة عن الثورات الأخرى، فهي هدية الغيب الإلهية، لأنَّها اعتمدت في حركتها وثقافتها وإيمان الناس بها على قاعدة المدد الإلهي. ففي وصيته الخالدة يقول:
« لذا وجب أن لايُشك أبداً في أن الثورة الإسلامية في إيران تختلف عن جميع الثورات الأخرى من حيث النشأة، ومن حيث أساليب المواجهة، ومن حيث الدوافع التي فجرت الثورة والنهضة، ولاريب ابداً في أنَّها هديةٌ إلهيةٌ غيبيةُ تلطَّف بها المنان على هذا الشعب المنكوب المظلوم».[2]
الثورة الاسلامية هي نهضة إسلامية- انسانية
*انني آمل ان تنتصر هذه النهضة في إيران، وهي نهضة إسلامية وقد انطلقت لتحقيق الاهداف الإسلامية التي هي اهداف انسانية بالكامل .. ان كلّ آمالنا تتمحور حول تطبيق الإسلام واحكامه، التي تمثل ضماناً لاستقلال المسلمين وحريتهم .. آمل ان يتحقق هذا النصر.
ان على المسلمين ان يتحدوا ويصبحوا يداً واحدة- كما أمر بذلك الإسلام- كي يتمكنوا من تحقيق الآمال والتطلعات وتطبيق أحكام الإسلام في كافة انحاء العالم .. النهضة التي تشهدها إيران هي نهضة انسانية وإسلامية .. نهضة إسلامية- انسانية ..
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج4، ص: 81
*كل ما تقدّم ذكره هو مقدمة ليكون شعب ما (بَشَرَاً سويّا)تسري فيه روح الإنسان، فيتحوّل أبناؤه في جوهرهم، وهذا هو الذي جاء به الأنبياء، ولاشيء غيره، فالإنسان هو غاية الأنبياء، ولا شيء سواه. يجب أن يكون كل شيء إنسانيَّ الطابع، فما يرون غير صنع الإنسان، لأنّه متى صَلَحَ صَلَح كل شيء. والأنظمة التابعة للغرب تريد ألّا يصلُح الإنسان في أقطار الشرق هذه، فهي تخشى الإنسان، فإنّه إذا لم يخضع للقهر، ولا يسمح أن تذهب مصالح بلاده إلى الخارج، فانّه أمين، والأمين يعمل لله وحده، فحياته وموته لله. مثل هذا الإنسان لا يمكن أن يخدم الأجانب على حساب بلاده.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج8، ص: 59
-اولوية الاسلام على السياسية
*هذه القدرة ناشئة من الإسلام، ففي عهد كاشاني ومصدق كان الأساس سياسيا، وكانت الجوانب السياسية للحركة قوية. ففي عهد كاشاني كتبت له وقلت: يجب الاهتمام بالجوانب الدينية، ولكنه لم يستطع أو لم يرد ذلك. وبدلًا من تعزيزه للجوانب الدينية أو ترجيحه لها على السياسية أصبح نفسه سياسياً، و أصبح رئيساً للمجلس، وكان ذلك خطأ فادحاً. أنا نصحتهم بأن يفعلوا شيئاً من أجل الدين لا أن يصبحوا سياسيين.
أما الآن فالحركة دينية وإسلامية من كافة النواحي، والسياسة تدخل فيها أيضاً، فإلإسلام دين سياسي، والسياسة ضمن هذه الحركة. حسناً زوروا إيران الآن، وشاهدوها عن قرب- فستلاحظون ماذا حدث اليوم وما كان في الأمس.
المشكلات كثيرة، والدول العظمى موجودة، وهم يتخوفون كل الخوف من حركتنا، لكنهم لا يستطيعون فعل شئ، إلا إذا أرادوا أن يتدخلوا بالقوة، فنحن ضعفاء ولا نستطيع مواجهتهم عسكرياً، ولن يحالفهم نصر لا بالحكومات، ولا بالانقلاب العسكري، أو الحكومة العسكرية وغيرها ولا بانقلاب عسكري واسقاط الشاه بذاته أيضاً. فعمق الحركة وصل إلى حد حلت فيه جميع هذه المسائل، فالدولة العسكرية والحكومة العسكرية لا أهمية لها لدى الشعب.
اليوم نرى الشعب يتظاهر من أجل الإسلام. في ذلك الوقت (مصدق) كانت المظاهرات من أجل النفط. وهناك فرق بين تحرك الشعب من أجل مصالحه وتحركه في سبيل الله. فالحركة في تلك الأيام مادية وهي اليوم معنوية، لذلك تشبه ما حدث في صدر الإسلام.
لا يعني أننا لسنا قلقين. بالتأكيد القلق موجود في نضال كهذا، فجميع المحافل السياسية في العالم مهتمة بإيران.
وهذا لا يعني أننا لا نعلم ولا نقلق، ولكننا قد أدّينا واجباً شرعياً، ولبيناً أمراً إلهياً، وهذا هو منطق صدر الإسلام، وهو المنطق نفسه الذي يقول: إذا قتلنا نذهب إلى الجنة، واذا قتلنا نذهب إلى الجنة، وإذا هزمنا نذهب إلى الجنة وإذا انتصرنا نذهب إلى الجنة. لذلك لا نخشى الهزيمة، وليس لدينا أدنى خوف. قضيتنا ليست سياسية صرفة، نحن نتحرك بمنطق الإسلام، ولا نخاف من الهزيمة. فالرسول الأكرم- صلَّى اللهُ عَليهِ وَآلِهِ وَسَلمْ- هزم كذلك في بعض غزواته. نحن نحارب بسيف الله، ولا نخاف وهذه الحركة سوف تستمر.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج5، ص: 184
-تنفيذ احكام الاسلام
* قد تكون الثورة ثورة وطنية، لا إسلامية، وثورة حزبية، لا إسلامية، فهذه قضية أخرى. ولكنها عندما تكون ثورةً إسلاميةً كثورة إيران، وقد شاهدنا وشاهدتم جميعاً أنه لم يكن ثمة صوت سوى صوت (الله أكبر) والمطالبة بقيام جمهورية إسلامية. الشعب كله من أقصى البلاد إلى أقصاها هتف (جمهورية إسلامية)، (لا شرقية ولا غربية، جمهورية إسلامية). فهذه قضية إسلامية. كان شعبنا يعشق الإسلام فاصبحت صدورهم في كل مكان دروعاً ونزل الشباب إلى الساحة، وسارت النساء والرجال نحو الكفاح وانتصروا.
هذه كانت قوة الإسلام، وإلا فما كان بقدرة حزب أن يصنع هذا. فالحركات الوطنية والحزبية لايتبعها كل الشعب أبداً بصوت واحد من أطفال وكبار ونساء ورجال. أنها قوة الإسلام التي وحدت صوت الجميع وعبأتهم للنصر فانتصروا.
شعبنا يريد الإسلام لا شيئاً آخر. فلو كان يريد الوطنية فالوطنية موجودة في ظل الإسلام.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج12، ص: 258
-الوطنية و الشعبية
* الثورة الإيرانية لم تكن من صنع قوة عظمى ضد قوة عظمى أخرى تريد أن تخرجها بقوة السلاح وتقمعها. بل إنطلقت من بين ظهراني هذا الشعب، فكانت ثورة شعبية. يعني إنّ الشعب جميعاً بنسائه ورجاله، وبأطفاله وشيوخه قد نهض وأطاح بهذه الحكومة الجائرة. فهذه ميزة للثورة الإسلامية على بقية الثورات الأخرى. إذ إنها كانت ثورة شعبية مئة في المئة،
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج12، ص: 21
-عاشورا قدوة للثورة
* على الشعب العزيز ان يبحث عن هذا الاساس والبذرة المباركة في عصر عاشوراء المصادف لساعات الشهادة المنصورة لسيد المظلومين وسيد الشهداء؛ عصر عاشوراء الذي سال فيه الدم الطاهر والمطهر لثار الله وابن ثاره على ارض كربلاء الساخنة وسقى جذور الثورات الاسلامية. لقد فجر شعبنا العظيم تلك الثورة العارمة في الذكرى السنوية لهذه الماساة المتفجرة المصادفة للخامس عشر من خرداد 42 من السنة الايرانية مستلهمين ذلك من عاشوراء. ولو لم يكن عاشوراء وحرارته وحماسه المتفجر، لما كان انطلاق مثل هذه الثورة دون خلفية ودون تنظيم. ان حادثة عاشوراء العظيمة من 61 السنة الهجرية (القمرية)وحتى خرداد 61 السنة الايرانية وحتى الثورة العالمية لبقية الله- ارواحنا لمقدمه الفداء- هي صانعة الثورة في كل مرحلة.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج16، ص: 221
* سر انتصار الإسلام على الكفر العالمي في هذا القرن الذي تبلورت انطلاقته في الخامس عشر من خرداد عام 1342 السنة الايرانية ، في عاشوراء الحسين فالثورة الإسلامية الإيرانية قبس من عاشوراء وثورته الإلهية العظيمة.
على شعبنا العظيم أن يحيي ذكرى عاشوراء بكل عظمة واقتدار ويصون مبادئها الإسلامية. وان الحفاظ على ثورته العظيمة وترسيخ وجودها من خلال التواجد في الساحة ببركة الثورة الحسينية والقيمة غير المتناهية لثأر الله.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج17، ص: 388
-الثورة لاقامة الحكم الالهي
* من الأمور الواقعة في العالم، التي يتوجب علينا الانتباه اليها ثورة إيران هذه.
علينا أن نتعلّم من هذه الثورة، واستيعابها، ومطالعة مسارها، لنرى ماذا كانت، ولماذا وقعت، وإلامَ صارت، فانتصرت، وماالذي يجب العمل به لادامة الانتصار إلى الأبد.
فالثورات كثيرة في العالم، والنهضات كثيرة فيه أيضا، فقد كانت في الاتحاد السوفيتيّ ثورة، وفي فرنسة ثورة، فما الفرق بين ثورة إيران وتِلكما الثورتين؟
لماذا حدثت ثورة إيران، ولماذا حدثت ثورة الاتحاد السوفيتي؟
لماذا انصبّ الإيرانيّون في الشوارع هاتفين مكبِّرين متحدِّين؟ ما القضية؟
أكان الإيرانيون مثل المشاغبين السوفيت هائجين ابتغاءاً للعلف؟
اكانوا يهتفون للدنيا؟
أكان شُبّاننا يبذلون أرواحهم ويريقون دماءهم لأجل حياة مرفَّهة؟
أو يقتل إنسان نفسه ليطيبَ عَيْشُه؟
أولا، أن هذه ثورة إلهية ليست كثورات من لايعتقدون بالله، ولا كثورات مادِّية الأهداف؟
ثورة إيران كانت ثورة لله- تبارك وتعالى- يدٌ فيها وخرج الناس إلي الشوارع مطالبين بالجمهورية الإسلامية وسيادة الإسلام وإقامة أحكامه، وكلٌّ يهتفون: لا نريد هذا النظام، نريد حكومة العدل الإلهيّ والجمهورية الإسلامية.
كان هذا هدف هذا الشعب، وهو هدف جميع الطبقات عراقلة من الناس. لقد اقبلت النساء والرجال والأطفال على الشوارع انتصاراً للإسلام.
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج8، ص: 57
[1] الشيخ نعيم قاسم، الإمام الخميني (قدس سره) الاصالة و التجديد، ص 11.
[2] نفس المصدر، ص 190-191