في حوار مع موقع (جماران) الاعلامي، أشار حجةالاسلام محمد سالار الي معالم مدرسة الامام الخميني قائلاً: لعلّ من أبرز المعالم التي اشتهرت بها مدرسة الامام الخميني (قدس سره)، الثبات والمقاومة في مواجهة القوي الاستعمارية، والاهتمام بالمحرومين والمستضعفين، و الايمان بالشعوب، و بالوحدة الوطنية و الاسلامية، و الالتزام العملي بالاسلام.
الدفاع عن المظلومين احد المبادئ الاساسية للجمهورية الاسلامية
يشير حجة الاسلام محمد سالار الي تأكيد الامام الدائم و المستمر في الدفاع عن المظلومين ،لافتاً الي قول سماحته:(يا أيها المسلمون، و يا أيها المستضعفون الرازحون تحت سلطة الظالمين، انهضوا واتحدوا معاً، و دافعوا عن الاسلام و عن حقوقكم ولا تهابوا ضجيج القوي الكبري ولغطها، فهذا القرن إنما هو قرن غلبة المستضعفين علي المستكبرين، و غلبة الحق علي الباطل بمشيئة الله القادر القهار ). ( صحيفة الامام، ج15،ص150).
و يعلق حجةالاسلام سالار بالقول: أن أحد المبادئ الرئيسية لنظامنا الاسلامي يكمن في الدفاع عن المظلومين و المستضعفين فيالعالم. ولا يخفي أن هذه السياسة مستلهمة من مبادئ الاسلام، ومطبوعة بالتوجهات العلوية ، حيث يقوم الامام امير المؤمنين (ع): ( الناس صنفان، إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق).
في الحقيقة أن الامام الخميني (قدس سره) حرص علي تطبيق المفاهيم الاسلامية في بلادنا. حرص علي تجسيد الاسلام الذي يقول: ( إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء و لا شكورا ) (سورة الانسان /الآية9).. الاسلام الذي يؤمن بمبدأ: (ويطعمون الطعام علي حبّه مسكيناًو يتيماً و اسيراً) (سورة الانسان /الآية8). و أخيراًالاسلام الذي يدعو الي: (كونوا للظالم خصماً و للمظلوم عوناً). كما ورد في وصية الامام امير المؤمنين الي ولديه الحسن والحسين (عليهما السلام).
ويضيف مساعد العلاقات الدولية في المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام): لقد حرص الامام الخميني (قدس سره) علي إتباع السياسية التي تمحورت حول الدفاع عن المستضعفين و المطالبة باحقاق حقوقهم. وكثيراً ما كان يردد سماحته: (طالما وجد الشرك والكفر،فالنضال قائم. وطالما كان النضال فنحن موجودون). (صحيفة الامام، ج21، ص83) .
وتابع سماحته : ان مهمة الدفاع عن المظلومين والمحرومين، كانت في طليعة اهتمامات الامام الخميني منذ اليوم الاول لانتصار الثورة الاسلامية. ومن خلال ترديد عبارات نظير (سكنة الاكواخ) و(الحفاة) ، كان يؤكد سماحته علي إعانة ومساعدة المحرومين والمستضعفين، وكان لايكف عن نصيحة المسؤولين بالاهتمام بشؤون الطبقات المحرومة و كان يعتبرها ولي نعمتنا.
وفي هذا الصدد اصدر الامام توجيهاته بتأسس الجمعيات والمؤسسات التي تعمل علي خدمة الفقراء والمحرومين أمثال: لجنة الامام الخميني للاغاثة، ومؤسسة المستعضفين ، و مؤسسة الخامس عشر من خرداد، و مؤسسة الثورة الاسلامية للإسكان، التي تمحور عملها حول إعانة الطبقات الفقيرة والمحرومة في المجتمع، حيث تواصل هذه المؤسسات نشاطها اليوم باعتبارها احد التراث الخالد لسماحة الامام الخميني الراحل. ومما يذكر في هذا الصدد أن الامام الخميني لم يتوان حتى عن التبرع بأمواله الشخصية لإعانة ومساعدة الطبقات الفقيرة والمستضعفة، وتقديم كل ما في وسعه للدفاع عن المظلومين و الشرائح الفقيرة و المعدمة.
وحدةالمسلمين احد معالم نهضة الامام
وحول طبيعة التأثير الذي يمكن أن يتركه الدفاع عن المظلومين، علي انسجام و وحدة الشعب الايراني والامة الاسلامية،يوضح حجة الاسلام سالار: كان الامام الخميني لايكف عن التأكيد علي اهمية الاتحاد والوحدة سواءعلي صعيد الداخل وبالنسبة للامة الاسلامية. ومما يذكر في هذا الصدد أن ثمة احاديث تروي عن الرسول الاكرم (ص) تؤكد هذا المعني، نظير قوله (صلي الله عليه وآله): (يدالله مع الجماعة). كذلك ينقل عن رسول الله (ص) قوله: ( الجماعة رحمة والفرقة عذاب).
ويلفت حجةالاسلام سالار الي تصريحات الامام الخميني وتأكيده علي الوحدة قائلاً: منذ اليوم الاول الذي انتصرت فيه الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني، بات واضحاً للجميع أن احد ابرز اهداف الثورة الاسلامية يتجلي في توحيد صفوف المسلمين فيالعالم، وقطع دابر القوي المتغطرسة والمعتدية من البلدان الاسلامية. وفي هذا الصدد كثيراًما كان الامام الخميني يؤكد: ( كونوا متأخين فيما بينكم.. اجتنبوا الخلافات والتوجهات الفئوية.. كونوا أخوة مع بعضكم، واعملوا من أجل الاسلام بسرائر نقية، وبروح واحدة ). (صحيفة الامام، ج2، ص375) ، و كان يعتبر كل ذلك من مستلزمات الانتصار علي المستكبرين.
وفيموضع آخر يقول الامام الخميني: (أن نهجنا هو نهج الاسلام، حيث نؤمن بوحدة كلمة المسلمين، واتحاد الدول الاسلامية، والتآخي مع جميع الفرق الاسلامية في مختلف انحاءالعالم). (صحيفة الامام، ج1،ص309).
كذلك يوضح الامام: (ان الاسلام اليوم غريب ومظلوم، وتقع علي عاتقنا مسؤولية ايصال كلمته الطيبة الي العالم أجمع ). (صحيفة الامام، ج18، ص97).
الصحوة الاسلامية أحد مظاهر تصدير الثورة الاسلامية
ويلفت حجة الاسلام سالار الي أن تصدير الثورة يعد من جملة الموضوعات التي كان يؤكد عليها الامام،موضحاً: لاشك أن الصحوة الاسلامية هي احد تجليات تصدير الثورة الاسلامية. فعندما نري التطورات التي شهدتها العديد من الدول في شمال افريقيا والشرق الاوسط والنتائج التي أسفرت عنها، ندرك جيداً بأن نبوءات الامام الخميني في هذا الشأن قد تحققت بالفعل. أن ما حدث في تونس ومصر وليبيا وبلدان أخري، وسقوط الطواغيت والمستبدين، و انتشار امواج الصحوة الاسلامية التي عمت بلدان المنطقة، ينبغي النظر الى كل ذلك بمثابة تحقق النبوءات التيكان يتحدث عنها الامام الخميني بانتصار المستضعفين علي المستكبرين.
وعن رؤيته للسبل الكفيلة بصيانة الصحوة الاسلامية، يري مسؤول العلاقات الدولية في المجمع العالمي لأهل البيت (عليهم السلام) : ان احد هذه السبل يكمن في تعريف شعوب العالم بشخصية الامام الخميني وتسليط الضوء علي سيرته العلمية و العملية. وكي يتسني للشعوب وعي اهدافها و توجهاتها الرئيسة بالاستلهام من الثورة الاسلامية، لابد لنا من اطلاع هذه الشعوب علي التجارب والخبرات التي اكتسبتها الثورة الاسلامية خلال مسيرتها الحافلة بالمواقف والاحداث. وبطبيعة الحال أن تسليط الضوء علي آراءو مواقف الامام بالنسبة للتوجهات الاسلامية ومعارف أهل البيت (عليهم السلام)، بامكانه أن يساعد الي حد كبير في هذا المجال.
وتابع حجة الاسلام سالار: الملاحظة الأخري تكمن في التعريف بالتطورات الفكرية والاجتماعية التي طرأت علي الشعب الايراني المسلم في ظلال الثورة الاسلامية. ولا يخفي أن التعريف بمبادئ الثورة وقيمها الاصيلة، وتسليط الضوء علي مفاهيم وثقافة التضحية والايثار والشهادة، بامكانها أن تشكل أحد محاور التعريف بالثورة الاسلامية، والآثار التييمكن أن تتركها في تنامي امواج الصحوةالاسلامية.
ويضيف سماحته: القضية الهامة الأخري تتمثل في ترسيخ وحدة الامةالاسلامية. ذلك أن بوسع الامةالاسلامية أن تعزز التوجه الاسلامي وترسيخ المد الاسلامي فيظل الاتحاد والوحدة. وكما هو واضح أن الظاهرة الخطيرة التي انتشرت في العالم الاسلامي تحت عناوين التيارات التكفيرية وعصابات داعش، ومحاولة البعض تشويه صورة الاسلام باسم الاسلام ، تشكل تهديداًحقيقياً بالنسبة للعالم الاسلامي. وكي يتسني انقاذ العالم الاسلامي من هذا الخطر الداهم و مواجهة هذا التحدي الخطير، لابد من توعية المسلمين بحقيقة الاسلام، والحرص علي اتحادهم و وحدتهم ونبذ الخلافات والفرقة. وفي ظل هذه الاوضاع، وكي نتمكن من مواجهة هذا التهديد والتصدي لمخاطر التكفيريين والمتزمتين، فان السبيل الامثل يكمن فيأن نتمسك جميعاً بالوحدةوبحبل الله المتين.
وكيف يتسني لنا مواجهة الحرب الناعمة للاستكبار، يقول حجة الاسلام سالار: أن احد سبل المواجهة يكمن في أن يجلس المسؤولون والعلماء والمفكرون والزعماء الدينييون، والشخصيات الدينية البارزة، يجلسون الي جوار بعض ويتحاورون للبحث عن السبل العملية لمواجهةهذا الخطر الداهم، وتسوية المشكلات والمعضلات عن طريق الحوار.
ويري حجة الاسلام سالار أن الظروف الراهنة التي يمرّبها العالم الاسلامي ، تشكل فرصة ذهبية لتوضيح الاسلام المعتدل، موضحاً: لقد كان لسماحة الامام تأثير كبير في ايقاظ المسلمين في العالم واحياء المفاهيم الدينية. ففي الوقت الذييحاول المستعمرون واعداء الاسلام مصادرة الهوية الاسلامية و اضعاف شوكةالمسلمين، وتجاهل الاخلاق و القيم الاسلامية، في هذا الوقت اوجد الامام الخميني (قدس سره) بارقةالأمل في قلوب المسلمين ولدي الشعوب المحرومة، حتي أخذنا نشهد اليوم عودة الاسلام من جديد الي واقع حياتهم،ول في ضوء كل ذلك لم يتم احياء الاسلام فحسب وإنما كل الاديان الالهية، ولهذا فان العودة الي الدين، وأن يحتل الاسلام دوره في كافة الانشطة العامة، يعد من المعالم البارزة في مسيرة الامام الخميني (قدس سره).
الاسلام المحمدي والاسلام الاميركي
يشير حجة الاسلام سالار الي أن الامام الخميني حاول أن يلفت الانظار الي أن هناك نهجين من الاسلام: الاسلام المحمدي والاسلام الاميركي، مضيفاً: الاسلام المحمدي هو الاسلام الذي يطمح الي إرساء العدالة، الاسلام المناهض للظلم والتطرف، الاسلام المناصر للحفاة والمحرومين، والمدافع عن المقهورين والمضطهدين. اما الاسلام الآخر الذي يقف في مواجهة الاسلام المحمدي، فهو اسلام المرفهين، الاسلام الذييواكب الظلم والاضطهاد،و يدعم الظالمين والمستبدين. الاسلام الذي لا يقف غير مبالي بحقوق المظلومين فحسب، بل و يدعم و يساند الظالمين في ظلمهم للمستضعفين. ولهذا كان الامام يحرص علي تسمية هذا الاسلام بالاسلام الاميركي.
ويتابع حجةالاسلام سالار: أننا نري اليوم بوضوح السمات التي يتصف بها هذان النهجان اللذان كان يؤكد عليهما الامام الخميني و يلفت الانظار اليهما، ماثلة أمامنا و كيف أنهما يقفان فيمواجهة بعضهما البعض. حيث نري اليوم نظام آل سعود لا يألوا جهداً في مواجهة الاسلام المحمدي والتصدي له، أنهم دعاة الاسلام الذي اسماه الامام الخميني بالاسلام الاميركي.
وفي جانب آخر من حواره يشير حجة الاسلام سالار، الي أن الدفاع عن الشعب البحريني المظلوم، يعتبر تجسيداً لمبادئ الامام و توجهاته، موضحاً: فيظل الاوضاع المؤلمة والمعاناة القاسية التي يتجرع مرارتها المستضعفون والفقراء والمحرومون،والذين يعانون من ظلم وبطش الاستكبار بزعامة اميركا واسرائيل، نحن بحاجة لأن نقتدي بتوجيهات الامام ونعمل بنصائحه في الدفاع عن المظلومين، ولهذا فأن من واجبنا مساندة الشعب البحريني المظلوم والوقوف الي جانبه ومناصرته.
وأضاف :بصفتنا أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، واتباع الاسلام المحمدي ونهج الامام الخميني (قدس سره)، وبالاستلهام من توجهات الامام وتوجيهاته، فأننا نتحمل مسؤولية الدفاع عن الشعوب المضطهدة في المنطقة ،والتصدي للاسلام الاميركي الذي أعلن الحرب ضد الاسلام.
غياب القيادة، احد معضلات ثورات المنطقة
وفي جانب آخر من حواره، أشار حجة الاسلام سالار الي غياب القيادة الموحدةو تدخل القوي الاجنبية و دورهما في حرف مسار الثورات التي شهدتها دول المنطقة، قائلاً: أن احد الخصائص والسمات التي امتازت بها ثورتنا الاسلامية و قيادة الامام الخميني و اداراته لنظام الحكم، تمثلت أولاً بالحكمة والحنكة التي اتسمت بها زعامة الامام في توجيه الاحداث التي انتهت بتحقيق النصر المؤزر، ومن ثم تأسيس الجمهورية الاسلامية وارساء قواعدها وتقوية شوكتها. واليوم تواصل الجمهورية الاسلامية مسيرتها الظافرة وتمضي قدماً علي طريق التطور والتقدم، وتعزيز مكانتها الدولية و الاقليمية، تحت قيادة سماحة القائد المعظم آية الله الخامنئي واشرافه.
واضاف سماحته: ان احدي المعضلات التي عانت منها الثورات الشعبية في مصر و ليبيا و بقية البلدان،تمثلت في غياب القيادة السليمة والمحنكة والحازمة والحاسمة. فلو أن هذه الثورات كانت تمتلك قائداًحازماً،لما تم مصادرتها بهذا النحو الذي نراه. ومما يذكر في هذا الصدد، أن سماحة القائد المعظم آية الله الخامنئي كان قد حذر منذ الايام الاولي لاندلاع هذه الثورات، من محاولة الغرباء مصادرة الثورات الشعبية وحرف مسار الصحوة الاسلامية. ومما يؤسف له هو أننا أخذنا نشهد اليوم الغرباء والاغيار قد ركبوا الموجة، نتيجة غياب القيادة الحاذقة والسلمية، وبذلوا كل ما في وسعهم لمصادرة الثورة. وهنا تتجلي مكانة ومنزلة وعظمة قيادة الامام الخميني ودورها الفريد في قيادة الثورة الاسلامية الايرانية و تحقيق النصر المؤزر لها .
و تابع حجةالاسلام سالار: وكما هو واضح أن احد الآفات التي عانت منها الصحوة الاسلامية والثورات التي شهدتها العديد من دول المنطقة، تكمن في غياب القيادة القاطعة و الحاسمة، ولعلّ هذا ما يبرر ما نشهده اليوم في العديد من هذه الثورة، بعجزها عن تحقيق الاهداف التيانتفضت الجماهير من أجلها. ونأمل أن تتمكن من مواصلة نهجها ومسيرتها الحقيقية تحت قيادة صالحةومؤهلة، واضعة أمامها تجارب وخبرات الثورة الاسلامية في ايران.
ايمان الامام
وهنا يشير حجة الاسلام سالار الي خاطرة عن الشهيد مرتضي مطهري، قائلاً: لدي عودةآية الله مطهري برفقه الامام الخميني من فرنسا، سئل عن ما رآه في هذه الرحلة،فقال: لقد تتلمذت علي يد الامام اثني عشر عاماً، ورأيت بأن سماحته قد آمن بأربع : الأول، آمن بهدفه، بحيث أنه لو اجتمع العالم بأسر لما استطاع أن يثنيه عن هدفه. والثاني ، آمن بسبيله. اي أن الامام آمن بالنهج الذي اختاره، ولم يكن بوسع احد أن يقنعه بالتخلي عنه. وفي هذا الصدد ثمة شبه بين ايمانه بأهدافه، وايمان نبي الاسلام العظيم وأهل البيت (عليهم السلام)بأهدافهم.
وتابع حجة الاسلام سالار: أما الثالث فهو ايمانه بأمته. وهذا يعني أن الامام كان قد اختبر أمته جيداً، وكان يؤمن بروحية الجماهير تماماً. ولهذا فان اول ما نطق به الامام في أول خطاب ألقاه في (جنة الزهراء) لدي عودته الي ايران قوله:( سأقوم بتشكيل حكومة جديدة بدعم من هذا الشعب). (صحيفة الامام، ج6،ص22) .
واخيراً ايمان الامام بربّه. وهذا يعني أن تحركه ونضاله وانطلاق ثورته ،كان منذ البداية تحركاً الهياً. وكان يؤمن بالعون الالهي للنهضة التي بدأها إيماناً كاملاً. ان الايمان بالله و التوكل عليه هو الذي أعانه في تحقيق الاهداف الكبري التي كان يسعي اليها، و كان ذلك مصداقاً لقوله عزّ من قائل: (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم). (سورةمحمد، الآية 7).