الوفاق/خاص/مختار حداد/ تعيد صحيفة الوفاق نشر حوار شامل أجرته مع عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الصهيونية الأسير المحرر المقاوم والمجاهد سمير القنطار (الذي إستشهد بغارة صهيونية على جرمانا في ريف دمشق) و ذلك بعد أيام قليلة من تحريره في عام 2008 و هي كانت أول مقابلة لوسيلة اعلامية ايرانية مع القنطار.
وفيما يلي نص الحوار:
*متى علمتم بموعد الأفراج عنكم وهل كنتم تتوقعون حدوث هذا الأمر وما هو شعوركم عندما علمتم بموعد الأفراج وعند عودتكم الى بلدكم؟ وكيف مرت اللحظات والساعات الاخيرة عندما علمتم بالافراج عنكم؟
- إن مسالة الافراج عنا قد حققتها المقاومة منذ ۱۲ تموز ۲۰۰۶ حين استطاع فوارس المقاومة الاسلامية الابطال من احتجاز جنديين اسرائيليين على الحدود مع فلسطين المحتلة وحين استطاعت المقاومة ان تحتفظ بهما رغم الحرب الاسرائيلية الشرسة والهمجية ضد المقاومة والشعب اللبناني. لذلك فإن القضايا الاجرائية المتعلقة بتوقيت الافراج عني كانت مسالة شكلية وانا اكدت لقيادة المقاومة الاسلامية انني مستعد ان اصبر واتحمل شرط ان تفرض المقاومة شروطها على العدو وتفرج عن جميع الاسرى اللبنانيين وتكشف مصير المفقودين وتستعيد جثامين الشهداء.
* هل يمكن ان تحدثونا عن لحظة أسركم وأوضاع السجون والضغوط التي تعرضتم لها خلال الاعتقال والظروف التي مررتم بها في السجن وهل تعرضتم للتعذيب؟
- لقد اعتقلت بعد أن اصبت بخمس رصاصات في انحاء مختلفة من جسدي وبعد معركة استمرت
حتى ساعات الصباح. التعذيب الذي تعرضت له اشبه بقصص الخيال التي لا يمكن ان يصدقها الناس او يتصورها العقل البشري لقد صلبت عارياً على حائط وبدأ جنود الاحتلال يتدربون فن القتال على جسدي، بقيت تحت الشمس أيام وليالي واقفاً ويداي للأعلى مقيدة بالحائط ورأسي مكسو بكيس من القماش الأسود الذي تنبعث منه رائحة نتنة. بعد حفلة التعذيب هذه كبلوا جسدي بالجنازير والصقوا بأذني مكبرات للصوت ومنها تدوي صافرة في الرأس حتى فقدت الشعور والإحساس بالوجود، أقسى ما عانيته عندما وقعت جريحاً، وبدأت عمليات استئصال بعض الرصاصات من جسدي حيث كنت شاهداً على مشهد استئصال تلك الرصاصات لأنهم لم يعطوني مادة مسكنة للألم، وعندما حاولت الصراخ من الألم أغلقوا فمي،وكلما كنت احضر للعيادة في السجن للتغيير على الجرح كان الطبيب يدخل إصبعه في الجرح بحجة أن عليه أن يتأكد من عيار الطلقات التي اخترقت جسدي، وأثناء التحقيق، كنت اجلس أمام المحقق مكبل اليدين والقدمين، ويطفئ المحقق سجائره في يداي، بقيت في زنزانة طولها نصف متر وعرضها نصف متر وسط الظلمة لا اعلم متى يبدأ النهار ومتى ينتهي الليل.
* كيف كانت ردة فعل السجان الصهيوني عندما علم بالافراج عنكم؟
- الخبر كان متوقعا ومنتظرا، لأننا منذ ۱۲ يوليو ،۲۰۰۶ ومنذ لحظة اسر الجنديين الإسرائيليين على يد حزب الله، كنا الجميع يعلم ان هذه بداية رحلة خروجي من السجن، وان استعادة الجنديين مرهونة بالإفراج عني. هذا ما جرى العمل عليه طوال سنتين من التفاوض. وهذا ما أدى إلى أن تجتمع حكومة إسرائيل لتصادق على اطلاق سراحي.
* كيف تقيمون دور سماحة السيد حسن نصر الله في الانتصار الأخير وكيف ينظر الاسرائيليين لحزب الله والمقاومة وشعوره بالخوف تجاه المقاومين الابطال وكيف لمستم هذا داخل السجون؟ وكيف تلمسون دور الشهيد الحاج عماد مغنية في هذه الانجازات؟
- انني مهما تحدثت عن سماحة السيد حسن نصر الله فإنني لن افيه حقه، فهذا القائد هو نموذج استثنائي للقادة في العالم العربي، وهو يتمتع بالصدق والتواضع والحنكة والشجاعة ما اسهم بشكل كبير في تحقيق المقاومة الانتصار تلو الانتصار. اما لجهة كيف ينظر الاسرائيليون لحزب الله فانا اؤكد انني قرأت جميع الكتب الصهوينية التي كتب بعد انتصار تموز ۲۰۰۶ وجميعها تحدثت عن حزب الله من منطق المنتصر في حرب تموز وهم اعترفوا ان هذا الحزب الحق بهم هزيمة نكراء.
اما القائد الحاج عماد مغنية فانني اعتبر ان هذا القائد الاسطورة هو نموذج جهادي يقتدى به وانا اؤكد اننا لن نرتقي الى مستوى ذكائه الا عندما نجعل الصهاينة تشتاق الى ايامه اي اننا يجب ان نكمل المسيرة بنفس الزخم والروح القتالية والجهادية التي تحلى بها الحاج عماد مغنية وانا اؤكد باسم اخواني الاعزاء في المقاومة الاسلامية اننا سنستمر في العمل من اجل تحقيق احلام جميع الشهداء وعلى راسهم الحاج عماد مغنية.
* متى لاول مرة سمعتكم اسم السيد حسن نصر الله؟
- سمعت باسم سماحته حين انتخب أميناً عاماً لحزب الله، وببساطة، أنا أعشق هذا الرجل.
* ما هي أهم ذكرياتكم في فترة السجن؟
- ان الذكريات كثيرة ولكن لا مجال لان اذكرها هنا يكفي ان اقول ان هذه الجدران اللعينة لم تستطع ان تفقدني الأمل بالمستقبل القادم والمكلل بالحرية والنصر.
* هل ستستمرون في نهجكم المقاوم أمام العدو الصهيوني؟
- لقد اعلنت امام العالم اجمع انني ساكمل مسيرتي الجهادية مقاوماً في صفوف المقاومة الاسلامية ولن اقف في نصف الطريق ورغم مرور ۳۰ سنة على اعتقالي فانا ارفض ان اعلن تقاعدي لان الهدف الذي انطلقت من اجله لم يتحقق بعد وهو تحرير فلسطين من براثن الاحتلال وانا سوف ابقى مجهاداً مقاوماً حتى يرزقني الله واخواني المجاهدين النصر او الشهادة.
* واليوم وبعد ۳۰ عاماً كيف وجدتم لبنان المقاوم؟
- وجدته كما كنت متوقعاً: وطناً متوجاً بانتصارين ثالثهما عملية الرضوان. وجدت جماهير واسعة
جدا تهتف للمقاومة، خرجت لاحتضاننا كأسرى محررين. وهناك أجواء من العزة والكرامة تسود الوطن بغض النظر عن بعض الأصوات الشاذة. لبنان اليوم يعكس صورة الوطن المقاوم الصامد القادر على هزيمة العدو، وهذا تحول كبير بالنسبة لي.
* اليوم بعد ۳۰ عاماً من الاعتقال اذا رجعت الأيام الى قبل ۳۰ عاما هل كنتم تشاركون في عملية نهاريا أو أي عملية نضالية أخرى؟
- بالتأكيد سوف افعل.
*خلال كلمتكم في بيروت قلتم ما تركت فلسطين إلا لأعود اليها ما هو الذي كنتم تقصدونه من ذلك؟
- الكلام واضح جداً لقد ناضلت من اجل تحرير فلسطين وقدت عملية داخل فلسطين واسرت في فلسطين وانا اليوم تواق للعودة اليها مع بقية اخواني المجاهدين حتى يتحقق وعد الله بتحرير هذه البلاد المقدسة.
* هل كنت تأمل يوماً بأن تخرج من السجن وعند حدوث عملية الوعد الصادق كيف كان شعورك؟
- انا لم افقد الامل بالحرية في يوم من الايام ولقد كنت على يقين ان المقاومة الاسلامية في لبنان سوف تصنع حريتي ويوم الوعد الصادق هو اجمل ايام حياتي.
* ما هو الدور الذي ستقومون به في المقاومة هل لديكم أي نية وبرنامج للعمل في المقاومة وما هو برنامجكم المستقبلي؟
- انا اطمح لان اكون مجاهداً في صفوف المقاومة الاسلامية وارفض ان اقوم باي دور سياسي داخل لبنان طموحي هو ان اكمل درب الجهاد كما بدأته.
* هل اسرائيل تقترب من النهاية وكيف تقيم أوضاع الصهاينة؟
- إسرائيل مفككة داخلياً ومجتمعها يعاني أزمة عميقة جدا إنها فرصة لاستنهاض الشعوب العربية وتحقيق النصر النهائي والحاسم بإذن الله أنا أؤمن أن اسرائيل الى زوال وهذا أمر حاصل بدون ادنى شك.
* كيف تنظر الى التهديدات الاسرائيلية الاخيرة؟
- ان المقاومة الإسلامية سوف تبقى دائماً بالمرصاد لكل التهديدات الصهيونية وهم يعرفون جيداً كيف سيكون رد حزب الله على تنفيذ هذه التهديدات.
* كيف كانت علاقتكم باخوانكم الاسرى في السجون الصهيونية؟
- لقد ربطتني علاقة مودة واخوة مع جميع الاخوة الفلسطينيين والعرب الذين التقيتهم داخل السجن وان افتخر بسنوات النضال المشترك التي خضناها معاً وسوف ياتي يوم نتحدث فيه مطولاً عن هذه النضالات التي قادتها الحركة الاسيرة داخل السجون ودورها في رفد الانتفاضة الفلسطينية المباركة وتحسين شروط العيش الانسانية داخل السجن.
* اليوم بعد انتصار الثورة الاسلامية بقيادة الامام الخميني الراحل ومجيء آية الله العظمى الامام الخامنئي كيف تنظرون الى الدور الذي تلعبه الجمهورية الاسلامية في جبهة المقاومة والممانعة ومواقفها ضد الاستكبار العالمي؟
- أن شاء الله سوف نسعى الى ان نفي الشعب الايراني الحبيب عرفان وقوفه الدائم والمستمر الى جانب قضايانا العادلة وعلى راسها قضية فلسطين.
وانا اعبر عن اعتزازي وفخري الكبير بثورتها المباركة التي شكل انتصارها حافزا وسندا لكل المقاومين بإيران واعطتهم الامل والقوة ان الامام الخميني بعث روح المقاومة في الامة وكان من ثمار ثورته ونهجه نشوء المقاومة الاسلامية في لبنان التي تحقق الانتصار تلو الانتصار ان كل المناهج والحركات النضالية السابقة قد وصلت الى طريق مسدود او تعثرت في حين ان الثورة الاسلامية الايرانية والمقاومة الاسلامية في المنطقة تشق طريقها نحو الصعود والتقدم وتحقيق الانتصارات وهذا دليل على صحة وسلامة نهج الامام الخميني«قدس سره».
* هل لديكم رسالة للشعب الايراني ولقرائنا الذين عاشوا فرحة الانتصار وتحريركم؟
- ان رسالتي للشعب الايراني العظيم هو ان يستمر في حفظ خط ونهج الامام الخميني«قدس سره» والتمسك باسس ومفاهيم الثورة الاسلامية المباركة لان هذا هو طريق الحق وطريق النصر ان شاء الله.
نقلاً عن موقع الوفاق اونلاين
http://www.al-vefagh.com/News/95394.html