النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)هو مبدأ النهضة الإسلامية الربّانية: باعتبار أن الله عزّ وجلّ قد أوحى إليه بالشريعة الإسلامية السهلة السمحاء، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وقد تمكن من غرس النواة الأولى للإسلام في الارض خلال جهاده وصبره وتضحياته، كدولة ملأت الأرض كلها فأشرقت بنور ربّها موحّدة له ومتوجّهة إليه دون غيره. ولاشك أن ذلك الإنجاز هو الحجة البالغة على المسلمين في هذا الزمن. اننا لا نقل عدداً وعُدَّة عن المجموعة الإسلامية المعاصرة للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، و أن أعداءنا ليسوا أقوى من قريش وحلفائها في ذلك الزمن.
النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هو مبدأ نشر العدالة: حيث أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) عمل على ترسيخ قيم الإنسانية في حياة المجتمع الإسلامي، والغى القوانين الجاهلية التي القامت علي اسس على أسس طبقية وعنصرية بين الناس تبعاً للثروة أو الانتماء القبلي أو لعوامل قوى مادية وغير ذلك من الموازين التي ادّت إلى اختلال العدالة بكل معانيها وأبعادها بين الناس.
النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هو مصدر الثقافة الإسلامية: بما أن الشريعة التي جاء بها انطلقت من الإنسان لتهذّبه وتبني نفسه البناء الذي يحقق لهذا الموجود دوره الحقيقي في هذه الدنيا وهو دور التمهيد والأعداد للحياة الآخرة عبرتبنى الدنيا، بذلك أخرج النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الإنسان من ثقافة اللذة و الانتعاش السريع الزوال إلى ثقافة تنسجم مع تطلعاته وآفاقه الإنسانية الرحبة المبنية على الفضائل والقيم التي يرمز إليها الإنسان.
النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هو مؤسس حركة القضاء على الظلم: بما أن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد خلال الشريعة منع أي عدوان يمكن أن يمارسه ظالم في أي جانب من جوانب الحياة، ليدفع بالناس على تفجير طاقاتهم الخلاّقة ،المبدعة لخير الإنسان، وذلك لأن الظلم باعتباره قهر لإرادة الآخرين والتسلُّطٌ عليهم سيؤدي إلى إنهيار كل طموح والقعود عن العمل والإنتاج، لانعدام الدوافع الخيّرة عند هؤلاء بسبب الضغوط الممارَسَة ضدهم والمانعة لهم للإنطلاق نحو الأعمال الصالحة لخير أنفسهم وخير الناس أجمعين.
النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) هو مصدر ارتقاء الإنسان: وهذا مما لا يمكن المناقشة فيه بعد الخطاب الإلهي لنبيّه (صلى الله عليه وآله وسلم) {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} حيث يكشف عن المراتب الأخلاقية والسلوكية الرفيعة جداً التي وصل إليها (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى صار مورداً للمدح الإلهي، وهو، لاشك، أراد كل المؤمنين به والأتباع لدينه أن السير على نفس النهج والصراط، لأن هذا السلوك هو الكاشف عن القدرات الخفية المودعة في نفس هذا المخلوق، ليرتقي إلى أعلى درجات الصفاء وليصبح قاب قوسين أو أدنى كما هو حال نفس وروح رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)هو مؤسس الابتعاد عن جميع المظالم: التزكية والتهذيب للنفس لا يمكن أن تتلاءم مع الظلم والمظالم المرتكبة بحق النفس أو الآخرين، لأن الظلم هو تعبير عن نفس أسيرة عند الشيطان وقواه التي يستغلها لحرف الإنسان عن مساره الصحيح نحو الله عزّ وجلّ وتبديله إلى أداة للفتنة والفساد والإفساد وتدمير كل المعاني الجميلة للحياة الإنسانية، بينما التزكية تبدّل النفس إلى جسم لائق قابل لاستيعاب الفيوضات الرحمانية لتظهر في الفعل الإنساني جمالاً وضَّاءً ونوراً مشرقاً يهدي الناس ويأسرهم ويجذبهم إليه ليسيروا بهدايته ويقتدوا بسيرته.
النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)هو مؤسس الأمة والإمامة: أن عقيدة التوحيد تعني أن كل انسان هو واحد لوحدة الأصول والجذور المنطلق منها، إلا أن هذه الوحدة لما غابت عنهم بفعل شياطين الجن والإنس، عمل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) على إعادتها إلى الناس ليرتبطوا بالله وبأنفسهم على أساسها، وهذا ما حصل حيث تكوّنت الأمة وتأسّست كوحدة متراصة، هي نتاج عقيدة وجهاد دنيوي عظيم. وأسس النبي (ص)بالتالي طريق الفلاح والنجاح للأمة من خلال تأسيس خط الإمامة والقيادة، لتسلكه الأمة بعد رحيله وتبقى في المسار الصحيح والصراط المستقيم الذي لا خسران معه ولا تراجع بل انتصار دائم وفوز مستمر.