بسم الله الرحمن الرحيم
نظرة الى اوضاع البلاد في عهد الطاغوت
اعرب لكم عن شكري على قدومكم الى ايران لتفقد احوالي واحوال هذا الشعب المستضعف وللاطلاع على وضع هذه ثورتنا عن كثب.
لو كنتم جئتم في عهد الطاغوت لرايتم الاوضاع على شاكلة اخرى: لرأيتم كيف تمتلئ شوارعنا بالقتلى، ولرايتم سجوننا مليئة بالمستضعفين والعلماء والمثقفين. ولرايتم وسائل اعلامنا كيف تعاني من التعتيم والكبت، لرأيتم شعبنا يرزح تحت الظلم والجور، وازلام النظام الشاهنشاهي يتدخلون في كل شيء وهم مكلفون من قبل الاجانب ومن قبل القوى العظمى سيما امريكا بمعاملة الشعب بما كانوا يعاملونه به. لقد رزح شعبنا لاكثر من خمسين عاما تحت ظلم الاب والابن. انكم لو كنتم جئتم الى ايران انذاك لوجدتم ايران عبارة عن حمام عام من الدم ولوجدتم ايران باكملها سجنا عاما!.
لقد جئتم الآن والشعب الايراني، ولله الحمد، تمكن من الانتصار بوعيه واتكاله على الله تبارك وتعالى ووحدة كلمته، على الطاغوت. انتصر على طاغوت كان يمتلك كل القدرات وكان مدجج بالسلاح ويتبجح باعتماده على الاجانب الذين كانوا يدعمونه بدورهم. ولم يكن شعبنا يملك شيئا سوى قوة الايمان والارادة الحديدة. لقد تغلبنا على القوى الكبرى وطردناها بوحدة الكلمة وقدرة الايمان.
لقد جئتم في وقت تمكنا فيه ولله الحمد- من طرح الجمهورية الاسلامية للاستفتاء الشعبي العام. لقد جئتم في وقت اقترع شعبنا باغلبيته المطلقة لصالح الجمهورية الاسلامية. فاقترع لها الشيوخ ممن بلغوا الثمانين والمعاقين والمرضى الذين خرجوا بالكراسي المتحركة للادلاء باصواتهم، فالجميع اقترعوا لصالح الجمهورية الاسلامية. ولم يكن هذا الا لان الشعب كان يرى في الاسلام ملجأً وملاذا لحريته واستقلاله، لذا فانه اقترع بعشق ومحبة ... ولم يسبق ان رأى العالم استفتاءً كهذا تشارك فيه كافة فئات الشعب بعشق ومحبة. لقد جئتم في وقت زالت اثارذلك الاستبداد ولو انكم جئتم آنذاك لرأيتم العجب العجاب، ولكنكم جئتم الآن وانتم في امان بين اخوانكم ولن يتعرض لكم احد. في ذلك العهد لم يكن ممكنا ان تلتقوا بي او يلتقي بي الاخوة، ولم يكن ممكنا ان نعقد مثل هذا الاجتماع، لم يكن ممكنا ان ننبس ببنت شفة او نوصل شكوانا الى العالم، لذا فقد اوصلنا شكوانا الى العالم من خارج البلاد. لقد عرضت قضية شعبي من باريس رغم انني لم اكن ارغب ان اكون هناك ولكن الاحداث جرت بطريقة اجبرتنا على طرح قضيتنا من باريس- وزعزعنا الارض تحت اقدام اولئك. لقد جئتم في وقت بلغنا مرحلة الانتصار ولله الحمد واعلنا قيام الجمهورية الاسلامية.
الاسلام دين السياسة والمعنوية
ان جميع الحريات موجودة في الجمهورية الاسلامية، فالاسلام جاء لانقاذ البشرية تماما كما جاء المسيح لانقاذ البشر، وكذا سائر الانبياء الذين جاءوا لانقاذ البشر. الاسلام علاوة على اغنائه للروح فانه يغني الماديات ايضا، الاسلام دين سياسة قبل ان يكون دين معنوية، وكما يهتم بالمعنويات والامور الروحية والتربية الدينية والنفسية وكما يهذب النفس، فانه يهتم بالماديات ويعلم الناس كيفية الاستفادة من الامور المادية والتعامل مع الماديات. الاسلام يعدل الماديات بطريقة تجرهم الى الالهيات. الاسلام ينظر الى الماديات بنظرة الهية والى الالهيات نظرة الماديات. الاسلام يشمل مختلف الابعاد.
لقد جئتم في يوم حققنا حكومتنا، فكما ان الاسلام يشتمل على المعنويات وكانت له حكومة في صدر الاسلام فنحن الآن ايضا وبمشيئة الله تبارك وتعالى امام حكومة اسلامية، حكومة عدل، والحكومات يجب ان تكون تابعة للناس ومن اجل الناس، لا ان يكون الناس من اجل الحكومة. ان الحكومة الاسلامية هي حكومة في خدمة الناس، يجب ان تكون في خدمة الناس. وفي الاسلام لافرق بين فئات المجتمع، الاسلام يراعي حقوق الاقليات والطوائف، فقد رعى الاسلام حقوق النصارى واليهود والزردشتية، فهو ينظر الى كافة الناس على انهم بشر ويقر لهم بحقهم كبشر، ينظر الى الجميع نظرة محبة ويتطلع لإنقاذ المستضعفين في العالم، ويريد للعالم باسره ان يكون عالما روحانيا ويقترب من عالم القدس. ان الاسلام جاء لانقاذ البشر وتحريرهم من تعلقاتهم الجسدية وايصالهم الى سمو الروح.
سر النصر
انني اتوسل الى الله تبارك وتعالى ان يمنّ على جميع المستضعفين في العالم بقضاء حوائجهم. اتوسل الى الله تبارك وتعالى ان يوقظ المستكبرين والظالمين والا فانهم سيزولون على ايدي الشعوب المستضعفة. اسال الله ان يمنَّ علينا جميعا بالتوفيق. واسأله تبارك وتعالى ان ينقذ اخواننا الفلسطينيين كما انقذ شعبنا من نير تلك الاسرة ومن وقف معها وايدها، وذلك من خلال وحدة الكلمة والاتكال على الله تبارك وتعالى. المهم يكمن في وحدة الكلمة والاتكال على الله تبارك وتعالى. ان سر انتصارنا هو وحدة كلمة شعبنا واتكاله على الله تبارك وتعالى وقوة ايمانه. لقد بلغ ايمان شعبنا درجة من القوة جعلته يعتبر الشهادة سعادة وكان يسعى الى اليها ولا يخشى الموت، ولهذا فقد تغلبت قبضاتهم الخالية على الدبابات.
على الشعوب الاخرى، بما فيها الشعب الفلسطيني، ان توحد كلمتها وتتوكل على الله تبارك وتعالى، فهذا السر اينما وجد وجد الانتصار. على شعبنا العزيز في فلسطين ان يهتم بوحدة الكلمة والاتكال على الله تبارك وتعالى وبالامور الروحية والمعنوية وان يتوجه الى الله تبارك وتعالى كي يحقق الانتصار. وانني اسال الله تبارك وتعالى ان يمنّ على الشعوب المستضعفة بالنصر.
لقد اعربت عن رأيي مراراً فيما يتعلق بفلسطين واسرائيل منذ فترة طويلة ربما قبل عشرين عاما- واعيد قوله الآن: اننا نندد باسرائيل، فاسرائيل غاصبة ولابد من انقاذ القدس والقضاء على اسرائيل. على الدول العربية ان تتحد فيما بينها وان يطردوا اسرائيل من اراضيهم وان يقطعوا دابر المستعمرين. اسال الله تبارك وتعالى ان نبلغ هذه الامال وان نلتقي واياكم في القدس.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج6، ص: 370