أحيت سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان الذكري السنوية الـ27 لرحيل مفجر ثورة المستضعفين في العالم ومؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران الإمام الخميني قدس سره باحتفال رسمي وشعبي حاشد في قصر الأونيسكو في بيروت.
حضر الاحتفال حشد كبير من الشخصيات الرسمية والقيادات السياسية والحزبية يتقدمهم رئيس مجلس النواب نبيه بري ممثلا بوزير المال علي حسن خليل، ورئيس الحكومة تمام سلام ممثلا بوزير الأشغال غازي زعيتر، وممثلون عن رؤساء الجمهورية ومجلس النواب السابقون، وممثلون عن رؤساء الطوائف الإسلامية والمسيحية وقادة أحزاب وعلماء دين من مختلف الطوائف والمذاهب، ووزراء ونواب حاليون وسابقون. وممثلون عن الأحزاب والقوي الوطنية والإسلامية اللبنانية والفصائل الفلسطينية، وشخصيات دبلوماسية وعسكرية وأمنية واجتماعية وثقافية وإعلامية.
وألقي سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان محمد فتحعلي كلمة أكد فيها أننا 'في الذكري الـ27 لرحيل الإمام الخميني (رض) نستلهم من معين فكره وينبوع نهجه الدروس والعبر لمواجهة ما يحيط بنا من تحديات ومؤامرات يحيكها الاستكبار العالمي. فكانت الثورة الإسلامية التي انتصرت بقيادة الإمام الحكيمة تمثل إشعاعا حضاريا قائما علي القيم الإلهية والتعاليم السماوية الهادفة لسمو الإنسان وحريته وسعادته ونشر العدالة ... مطلقا النداء الخالد إلي الإنسانية للتواصل والحوار والوحدة بين المسلمين والمستضعفين لأي دين انتموا لتشكيل جبهة عالمية تقف بوجه السياسات الدولية الظالمة التي تفرض هيمنتها علي شعوب ودول عالمنا الإسلامي نهبا لثرواته ومقدراته وتفريقا لكلمته ورهنا لمستقبل أجياله'.
أضاف: 'وعلي المستوي الداخلي فقد جسدت الجمهورية الإسلامية الإيرانية دعوة الإمام وأهدافه واقعا عمليا فكانت إيران قلعة للأحرار وداعمة لحقوق الشعوب وداعية حوار في المجتمع الدولي'.
وأكد السفير فتحعلي علي وقوف الجمهورية الإسلامية الإيرانية الدائم إلي جانب 'لبنان الشقيق شعبا ودولة والي جانب مقاومته الشريفة الباسلة التي كللت جبين لبنان والأمة العربية والإسلامية بالعز والفخار ورسمت بالدم مقاومة لبنانية هزمت إسرائيل وأعطت للحرية معناها الحقيقي'.
وجدد السفير فتح علي التأكيد علي دعم إيران الكامل لـ'كل ما يجمع ويوحد بين اللبنانيين علي قاعدة وحدة لبنان وشعبه العزيز لأن جوهر وجود لبنان هو بوحدته وغني هذا الوطن الكبير بإنسانه هو بهذا التنوع الثقافي والحضاري لأبناء شعبه'، معربًا عن أمله في 'أن نشهد في القريب العاجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية بما يحقق للبنان مزيدا من الاستقرار والأمن والثبات'.
كذلك أكد السفير فتحعلي علي 'أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية ستبقي إلي جانب كل الشعوب المظلومة في هذا العالم وفي طليعتها الشعب الفلسطيني داعمة حقه في الحرية والاستقلال، مؤكدة علي وحدة هذا الشعب بكافة قواه الحية لمواجهة المؤامرات التي تعمل علي إثارة الفتن الطائفية والمذهبية وحرف وجهة المعركة عن فلسطين ... إلي فتن ومؤامرات داخل بلداننا وبين أبناء أمتنا الواحدة.'
وقال: 'ستبقي فلسطين قضيتنا الكبري ومعركتنا الحاسمة مع العدو الصهيوني الذي يدعم ويحرك الجماعات الإرهابية والتكفيرية التي تشكل خطرا علي الجميع دون استثناء، ومن واجبنا جميعا مواجهتها بشتي الطرق والوسائل'.
وألقي ممثل الرئيس بري الوزير علي حسن خليل كلمة قال فيها: 'إذا كنا اليوم نحيي ذكري إمام عظيم، فليس إلا تأكيدا علي وجوده الدائم، أيها الولي الذي اصطفاه الله، يا ابن مدينتك، يا طالعا من غضب الناس، يا ثائرا موسويا، خمينيا، سيدا للروح. لقد قدست مسيرتك من إيران وعلي امتداد أوطان درسناك حتي العمامة، وتوضأنا هجرتك وعودتك وقيامة ثورتك. وعن بعد، أصبحنا طلابا في حوزتك، يا سيد المعارف ومقدمات العلوم والسطوح، يا مجاهدا أكبر، يا رسول الطلب والارادة، يا شارحا دعاء السَحَر وناشرا رسائل التقية'.
أضاف مخاطبًا روح الإمام الخميني (رض): 'أيها المسكون بمقاومة الاحتلال والتبعية. يا صديق القدس ورفيقها، تعرفك فلسطين عن بكرة قضية، تذكرك عاصمتها مع كل شهر صوم، معلنا لها وللمسلمين يوم القدس العالمي. ما كان لنا ذلك مع أي سياسي، بهلوي أو ما يعادله من عربي، مع عصرك انشطر الزمن، تغيرت عقارب ساعاته، فاصبحت تنهض بالأمة الي الامام. فمنذ نعومة ثورتك، حملت السلاح للدفاع عن أعراض الناس وأموالهم في وجه الإقطاع وسارقي تعب المدن وضواحيها'.
ولفت ممثل الرئيس بري إلي أن الإمام الخميني قدس سره 'كان مقاوما بالفطرة، مستعدا متأهبا لكل التداعيات، من النفي الي العودة ثائرا مرفوعا علي أكف ثورة نحن أمام قائد ضرب له التظاهر موعدا ليصنع منه حرية وطن رفع شعبه من تحت قصور الكبار الي محاكاة أعتي الكبار'.
وقال الوزير علي حسن خليل: 'زمانك أيها الإمام يقرأ في جمهورية من صخر، أصبحت علامة في تاريخ الدول والكيانات، كسرت حصارها من عرق علمائها، من قدرتها علي تحويل العقوبات الي انجازات، من شعبها العظيم، المتجذر صموده من حضارة السنين'.
وتابع يقول: 'في ثلاثين عاما، صنعت الجمهورية الاسلامية الايرانية قوة عظمي تهرع الي ابوابها دول وحكومات. إن ما زرعه الإمام الخميني في عصره، حصده شعبه اليوم نصرا يجاور المجد، فأنتم يا أبناء وأحفاد الامام نورت بلدكم أثناء عتمتكم، ومن قلب الظلمة والظلام استخرجتم قوة الضوء. فعمتم تقدما وتطورا ونورا يا أبناء الوطن المسيج بعصارة التعب. دام ظلكم الذي امتد لخمس دول زائدا واحدا، فاوضهم حد الحق، وقارعهم الند للند. عمتم، تحصينا يرفع الراية السلمية، في بلد يناصر القضية، ينظر الي فلسطين فيعدها بالحرية، والي لبنان بأن يبقي الي جانبه في معركة الصمود والمقاومة والبناء'.
وتطرق الوزير خليل إلي التطورات الإقليمية الراهنة فقال: 'إن تحديات المنطقة التي فرضتها وقائع توسع الارهاب وممارساته علي دول أساسية تلزمنا أن نعيد تصويب الصراع باتجاه المستفيد الأول من انقسامنا وحروبنا 'اسرائيل' ونظيرها المكمل لدورها، الارهاب التكفيري ويفرض أن نكرر الدعوة الي إعادة الدول العربية تنظيم علاقاتها مع إيران علي قاعدة حسن الجوار وفتح قنوات الحوار المسؤول للوصول الي تفاهمات تحسم المعركة ضد الارهاب من جهة وتعيد تنظيم الجبهة في مواجهة العدو الصهيوني، الذي سنبقي كلبنانيين ملتزمين بمقاومتنا وجيشنا وشعبنا خيار المواجهة معه حماية وتحصينا لسيادتنا وحريتنا'.
وختم: 'علي مستوانا الداخلي ومن منبر الامام الذي آمن بالوحدة الاسلامية، نشدد علي ضرورة تحصين وحدتنا علي هذا الصعيد ومدها علي المستوي الوطني والعمل الجاد نحو جعل الحوار فرصة للخروج من مأزق انتخاب رئيس للجمهورية وإعادة إطلاق عمل المؤسسات السياسية'.
وألقي المفتي الجعفري في لبنان الشيخ أحمد قبلان كلمة 'المجلس الإسلامي الشيعي الأعلي' قال فيها: 'عندما تعرض الإمام الخميني للتقريب بين المذاهب أكد أن 'مصير الأمة الإسلامية' متوقف بشدة علي 'الأطر الجامعة للإسلام'، معتبرا أن أية 'خصومة مذاهب' ستتحول سلاحا فتاكا بيد خصومهم، وهو ما نراه اليوم بـ'فتنة العرب' التي تحولت أكبر سلاح بيد الغرب الذي يمتهن توفير أرضية العداوة وتسعير النيران'.
وأضاف: 'بمنطق ((اتقواْ الله وأصْلحواْ ذات بيْنكمْ)) حسم قضية إصلاح الأمة، وركز علي إصلاح المدارس الدينية، لأنها إنْ صلحتْ صلحت الأمة، وإن فسدت فسدت الأمة، وتحولت غثاء كغثاء السيْل. وما أكثر غثاءنا في عالم تحولت فيه هذه الأمة إلي فريسة تمزقها أهواء سلاطينها'.
وتابع: 'عن مشروع الأمة كإطار، كان يعتمد قوله تعالي ((قلْ هذه سبيلي أدْعو إلي الله علي بصيرة أناْ ومن اتبعني))، وهذا ينفي مطلق تبعية باطلة، ويؤكد وحدة الأمة كعنوان لعقل المشروع، لذا خصها بالبصيرة، بصيرة تعيد تفسير الأمة كشراكة ودور عالمي، يحول الإسلام مشروع فعل أممي، لأن أمة تمشي إلي المستقبل بلا تاريخ سيأكلها الجهل ويقتلها النسيان'.
واعتبر قبلان 'أن الأزهر والنجف وقم وكل المراكز الدينية مسؤولة بكل إمكاناتها وطاقاتها عن إعادة تظهير الإسلام، وتوحيد الخطاب، وبناء الثقة، ومنع التكفير، ومواجهة موجات التطرف الفكري والديني، لأن الله تعالي يقول:((وكذلك جعلْناكمْ أمة وسطا لتكونواْ شهداء علي الناس))، شهداء علي الناس، وليس تبعا للناس أو لعبة بيد الناس'.
ورأي أن ما يجري في سوريا واليمن والعراق وليبيا وغيرها، مؤشر علي أن الأمة تحولت إلي أمم، والعرب تحولت تبعا للتبعيات، 'لدرجة أن إسرائيل تحولت جزءا من محور نحر العرب للعرب. وما أكثر العرب يوم تتحول الفتنة إلي مشروع خصومة ومذابح ودمار أوطان'. مشيرًا إلي أن الإمام الخميني حين أراد للعرب ألا تختلف أو تتنازع أمرها قال لهم، 'حرروا القدس، وأعيدوا فلسطين'، وحيْن أراد لهذه الأمة وحدتها قال: 'عودوا إلي القرآن وسنة نبيكم'، وحتي لا تختلف الأمة في ما بينها قال: 'الأمة أمة بتراثها الصحيح، وإلا مزقتها الأكاذيب'، وعن الجمهورية الإسلامية الإيرانية قال: 'هي بلد العرب والمسلمين وكل المستضعفين، لهم وليست ضدهم، ولن تكون يوما ما تبعا للصهاينة أو الأمريكان'.
كلمة بطريرك الطائفة المارونية في لبنان الكاردينال بشارة الراعي ألقاها الأب كميل مبارك الذي قال: 'في مثل هذه المناسبة الكريمة يسترجع المتأمل في شؤون هذا العالم ومساره وبخاصة في هذه الأيام العجاف التي تهدد فيه طبول الحرب أبواب السلام كل ما قاله وما علمه آية الله الخميني قدس الله ذكره لأنه من نخبة الرجال الذين رأوا أن العقل، إذا ما استقل في تدبيره عن تعاليم الديانات قد يتوه عن الحق ويغرق في الباطل، وخطره انه يعتقد دائما أنه علي حق، من هنا دعوة آية الله الخميني إلي تنوير العقل بالقيم الروحية كي ما يسهم إسهاما فاعلا وبناء في تدبير شؤون الناس والسهر علي خيرهم العام، الذي إن كان سليما سلم المجتمع واستقامت النظم'.
وأكد مبارك أن 'الإمام الخميني يؤمن ان الله ميز الناس بكرامة عن سائر المخلوقات حين وهبه العقل واللسان وانعم عليه بنعمة الايمان كي يكون المنطق المستنير بالدين والكلام سبيلا للتفاهم بين البشر عوضا عن لغة الرفض والتكفير والقتل والتدمير، لان الايمان بإله الرحمة والمحبة يبعد الانسان عن كل هذه السلبيات في التعاطي التي تدفع الدول الي الاقتتال عوضا عن ان تتجه الي العقل واللسان والي الرفاه والسلام'.
وألقي رئيس 'الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة' الشيخ ماهر حمود كلمة شدد فيها علي أن الإمام الخميني لم يغب برحيله وإنما مازال حاضرًا من خلال نهجه وخطه الذي يتابعه الإمام الخامنئي حفظه الله تعالي.
وندد بالذين يسعون وراء الفتنة وتأجيجها بين المسلمين بزعم الخطر علي السنة، وقال: 'ليس هناك من خطر علي مذهب أهل السنة والجماعة كما تزعمون وليس هناك من خطر علي مذهب كافة المسلمين، الخطر علي مذهب أهل السنة هو منكم أيها التكفيريون وأيها المذهبيون وأيها الملوك والبتروليون، أنتم تشوهون إسلام محمد، وتشوهون إسلام عمر بن الخطاب، كل هؤلاء لو وجدوا في زماننا هذا لكانوا خمينيين، ولن يكونوا إلا علي هذا الطريق، وكفي أوهاما ومؤامرات'.
وختم الشيخ حمود مؤكدًا أن 'اليوم هو يوم المستضعفين ويوم الوحدة الإسلامية، ولا عدو لنا إلا العدو الإسرائيلي والبوصلة الأساس والهدف هي فلسطين'.
واختتم الاحتفال بكلمة حزب الله القاها نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم الذي أكد أن الإمام الخميني (قدس) غيّر وجه المنطقة بأسرها، وأن بعد الإمام يختلف عما قبله.
وعدد الشيخ قاسم خمسة أمور ساهمت في تغيير وجه المنطقة، وهي: أولاً، أن الإمام قدم مشروع الإسلام بصورته المشرقة. ثانيا: نقل المنطقة من حالة الأسرلة إلي حالة المقاومة، ثالثا: برزت خيرات الشعوب مقابل الأنظمة المستبدة، وبدأت هذه الشعوب تشعر بأن كرامتها مهدورة، رابعا: أكد الإمام علي الاستقلال والندية في مواجهة التبعية وحقق ذلك لإيران، خامسا: دعا الإمام إلي الوحدة الإسلامية وهي أول دعوة واسعة منتشرة.
وأكد الشيخ قاسم 'أن إيران ضرورة لأمن المنطقة ومستقبلها. بعضهم يذهب إلي الخندق الإسرائيلي المتهالك ظنا منه أنه يحمي نفسه ولكن ليكن معلوما أن التعاون مع إيران هو خير وبركة للجميع'. داعيًا إلي الحوار والتوافق ووقف الدعم للتكفيريين.