قال رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية: ان امريكا باتت تفقد ثقة الآخرين بها ومصداقيتها العالمية بنقضها للتعهدات الدولية وأن هؤلاء الذين يتصورون أنهم قادرون على احتواء الآخرين بافقار الشعوب، يرتكبون خطأ فادحا.
واضاف الرئيس حسن روحاني في كلمة القاها أمس (بالتوقيت المحلي لمدينة نيويورك) في الجمعية العامة للأمم المتحدة: ان ما سمعناه يوم امس من الرئيس الامريكي وخطابه الجاهل والقبيح والحاقد والمليء بالمعلومات الخاطئة واإاتهامات ضد الشعب الايراني في هذا المكان المحترم، لا يشكل إساءة للأمم المتحدة - التي تأسست للسلام بين الشعوب- فحسب بل يتعارض مع ما تطالب به الشعوب من هذا الاجتماع الذي يعقد لاتحاد الدول من اجل مواجهة الحرب والارهاب.
وقال رئيس الجمهورية: انني إذ أغتنم تواجدي على هذا المنبر لأعلن وبأعلى صوت للعالم ان الاعتدال هو نهج وديدن الشعب الايراني العظيم، نهجنا هو الإعتدال وليس العزلة، الإعتدال وليس التجاهل، الإعتدال وليس العنف والعدوان.
* نهج الاعتدال هو نهج السلام هو النهج العادل والشامل وليس السلام لشعب والحرب والصراع لشعب آخر.
* الاعتدال يعني الحرية والديمقراطية لكن بمعناها الشامل والواسع ولا يعني التظاهر بدعم الحرية في مكان ودعم الديكتاتورية في مكان آخر.
* الاعتدال يعني تآزر الافكار وليس رقص السيوف .
* والاعتدال يعني ابداع الجمال. الاسلحة الفتاكة التي يتم تصديرها ليست جميلة، العقوبات ليست جميلة.. الجمال في العدالة.
وشدد الرئيس روحاني بالقول: توجّهنا قائم على السلام ودعم حقوق الشعوب. نحن لا نستسيغ الظلم بل ندافع عن المظلوم. نحن لا نهدد ولا نقبل بالتهديد من أي طرف. لغتنا هي الكرامة ولا نطيق لهجة التهديد. نحن أهل الحوار، الحوار القائم على المساواة والإحترام المتبادل.
في عالم اليوم بات سلام وامن واستقرار وتطور الدول متداخلا ببعضه البعض. لا يمكن ان يحرم كيان غاصب وعنصري الشعب الفلسطيني من أبسط حقوقه وأن ينعم هو بالأمن. لا يمكن ان تعاني الدول بما فيها اليمن وسوريا والعراق والبحرين وافغانستان وميانمار والكثير من المناطق الأخرى من وطأة الفقر والحرب والصراع فيما يظن البعض انه قادر على الإحتفاظ بأمنه ورفاهه وتنميته على الامد البعيد.
واضاف: إن ايران ومنذ القدم حملت لواء التسامح بين الاديان والقوميات. نحن ذلك الشعب الذي أنقذ اليهود من أسر البابليين ورحبنا بحفاوة بالمسيحيين الأرمن وأستطعنا ان نوجد فيما بيننا (قارة ثقافية) وهي توليفة فريدة من نوعها من القوميات والاديان. هذه هي ايران التي طالما دافعت عن المظلومين. دافعت قبل قرون عن اليهود واليوم تدافع عن حقوق الفلسطينيين. ايران هي ايران ذاتها مدافعة عن الحق وداعية للسلام.
وشدد رئيس الجمهورية بالقول: نحن اليوم في طليعة مكافحة الارهاب والتطرّف المذهبي في الشرق الاوسط وان موقفنا هذا ليس موقفا طائفيا وانما موقفا انسانيا واخلاقيا واستراتيجيا.
وقال: ايران لا تريد إحياء امبراطوريتها التاريخية كما لا تريد فرض مذهبها ولا تريد تصدير ثورتها بالسيوف. نحن نؤمن بحقيقة مذهبنا وأصالة ثورتنا ولنشر ثقافتنا وحضارتنا ومذهبنا وثورتنا ندخل القلوب ونحدّث العقول وننشد الشعر ونقول الحكمة، سفراؤنا هم شعرائنا وعرفاؤنا وحكماؤنا. نحن فتحنا المحيط الأطلسي بأشعار مولوي وفتحنا قلب آسيا بأشعار سعدي وفتحنا العالم كله باشعار حافظ.. إذاً فنحن في غنى عن الفتوحات الأخرى.
وشدد الرئيس روحاني بالقول: إن صوت الاعتدال يعلو من شعبنا ولايقتصر ذلك على القول بل ان شعبنا اثبت انه ملتزم بذلك في فعله ايضا. ان خطة العمل المشترك هي اكبر مؤشر على صدق ادعائنا.
وقال: إن خطة العمل المشترك هي حصيلة عامين من المفاوضات المكثفة وان ما تمخض عنها حظي بدعم مجلس الامن والمجتمع الدولي وبات جزءا من القرار 2231 الصادر عن مجلس الامن. ان خطة العمل المشترك لا تخص بلد دون غيره بل انها وثيقة دولية تتعلق بالمجتمع الدولي كله.
وقال حجة الاسلام روحاني: إن هذه الوثيقة إستطاعت حل القضية النووية من جهة وفتحت صفحة التعاون والتعاطي العالمي من جهة أخرى. ان هذا التعاطي الثنائي قائم على المشاركة والبناء.. نحن من جهة منه والعالم من جهته الأخرى. نحن فتحنا ابواب التعاون والتعاطي. وقّعنا العشرات من العقود مع الدول المتقدمة في الشرق والغرب ويؤسفنا ان البعض حرم نفسه من الامكانية التي توفرت. لجأت الى العقوبات واليوم اذ يراودها الشعور بالغبن تظن انه تم خداعها. فيما إننا لم ننخدع ولا نخدع الآخرين. نحن من عينّا مستوى برنامجنا النووي وحصلنا على قوة الردع النووية ليس بالسلاح النووي بل بالعلم والاهم من كل ذلك بمقاومة شعبنا. وهنا يكمن إبداعنا وفنّنا. كانوا يريدون سلب السلاح النووي منّا الذي لم يكن لدينا من الأساس ونحن لم نكن نخشى ان يسلبوا منا شيئا لم نكن نمتلكه ولم نكن ندّعي حيازته.
لا يمكن ان نقبل ابدا ان يقوم الكيان الصهيوني الذي يهدد المنطقة والعالم بالسلاح النووي ولا يلتزم بأي من القوانين الدولية بنصح الشعوب الداعية للسلام.
واوضح الرئيس روحاني؛ تصوروا للحظة واحدة الشرق الاوسط من دون خطة العمل المشترك كيف سيكون؟ تصوروا ظهور أزمة نووية مختلقة في المنطقة الى جانب الحروب الاهلية والارهاب التكفيري والأزمات الانسانية والاوضاع السياسية والاجتماعية المعقّدة في غرب آسيا.
وشدد بالقول: العالم إختار مسار السلام كما اختارته ايران ايضا. وخطة العمل المشترك هي مسار السلام. ان هذه الخطة هي خطوة فريدة من نوعها في هذا العالم المتأزم الذي يئن من وطأة الفوضى. وان هذه الخطوة لابد ان تصبح قاعدة يرتكز عليها الجميع. انني اذ اعلن وبكل صراحة ان الجمهورية الاسلامية الايرانية طالما إلتزمت وستبقى ملتزمة بها ولن تكون أبداً البادئة في نقضها لكنها لن تقف مكتوفة الأيدي ازاء أي نقض للخطة. لمن دواعي الاسف ان ينهار هذا الاتفاق بيد (حديثي العهد بالسياسة) بذلك يكون العالم فقد فرصة كبيرة وان مثل هذه الخطوة لن تقدر ابدا اخراج الجمهورية الاسلامية الايرانية عن سكة التطور والتكامل. نحن بدورنا سنعمل من أجل الحفاظ على خطة العمل المشترك الشاملة. لكن موقفنا أزاء نقضها من قبل الآخرين أو محاولاتهم لتقليص المنافع التي تعود بها على الجمهورية الاسلامية الايرانية سيكون (سريعا وحازما). ليعرف ناكثو العهد أنهم لن يقدموا الا على تشويه صورتهم واضعاف كيانهم.
واضاف: إن الجمهورية الاسلامية الايرانية هي التي طرحت مبادرة الاتحاد العالمي لمواجهة العنف والتطرف، وترى ان الحوار القائم على الربح-ربح هو السبيل الأمثل لتسوية الازمات العالمية والاقليمية. نحن نؤكد على ترسيخ الأواصر مع دول الجوار والمنطقة وتعزيز التعاون مع الدول الصديقة. هذا هو خيارنا الواعي، وان تجاوز التهديدات الخطرة والتطورات المعقدة في المرحلة الانتقالية لا يتحقق الا من خلال توثيق التواصل والتشاور ومأسسة الحوار من قبل الحكومات والشعوب.
وشدد رئيس الجمهورية بالقول: أعلن من هذا المنبر ان قدراتنا الدفاعية بما فيها الصاروخية، لها بُعد دفاعي وردعي محض وللحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة والحيلولة دون أي مغامرة حمقاء. ان سكان مدننا المختلفة كانوا وعلى مر سني الحرب المفروضة الثمان ضحايا صواريخ صدام بعيدة المدى ونحن لا نسمح أبدا بتكرار المطامح الكارثية.
وقال الرئيس روحاني: إن انعدام الاستقرار ونزعات العنف في منطقتنا زادت حدة بتدخل القوى الخارجية وهي ذات القوى التي تعمل اليوم على إتهامنا بإنعدام الأمن وذلك بهدف المزيد من التدخل وبيع المزيد من اسلحتها الفتاكة. انني اعلن بكل صراحة ان التدخل الاجنبي ومحاولة تقرير مصير شعوب المنطقة لن يؤدي الا الى اتساع نطاق الأزمات.
ان الازمات في سوريا واليمن والبحرين ليس لها أي حل عسكري وانها ستنتهي بوقف العنف وقبول آراء الشعب.
وقال رئيس الجمهورية: إن الحكومة الامريكية لابد ان توضح لشعبها الأسباب التي تقف وراء إنفاقها مئات مليارات الدولارات لقتل الشعوب وتدمير البنى التحتية ونشر الارهاب والتطرّف بدلا من المساهمة في الامن والاستقرار.
واوضح رئيس الجمهورية؛ ان الاقتصاد الايراني اثبت خلال الاعوام الاربعة الاخيرة انه يتمتع بطاقات وامكانيات فريدة لللتنمية. ان العقوبات الاقتصادية ليس لم تكن قادرة على وقف ايران عن الحركة فحسب بل ساهمت في إرساء اسس الانتاج الوطني ايضا. ان الاقتصاد الايراني تمكن خلال العام الماضي من تحقيق أعلى مستوى من النمو على الصعيد العالمي. ان سياستنا الاستراتيجية لبلوغ هذا النمو الدائم والمتعادل قائمة على التعاون البنّاء والشامل مع العالم. نحن نعتقد ان التنمية والامن يرتبطان ببعضهما البعض وان المصالح المشتركة من شأنها ان تضمن الأمن الاقليمي والعالمي.
واضاف: إن الجمهورية الاسلامية الايرانية ولما تمتلكه من مصادر غنية للنفط والغاز من شأنها ان تساهم في ضمان أمن الطاقة على الصعيد العالمي ويمكنها من خلال الإستثمار المشترك في البنى التحتية للنقل البحري والبري والسككي ان تعمل على الارتقاء بمستوى طاقة ممرات الترانزيت الدولية. ان تعزيز البنى الاقتصادية في حقول الغاز وشبكات الكهرباء والنقل البري والسككي وفر إمكانية الانتاج الرخيص من أجل خوض الاسواق الوطنية والاقليمية.
وشدد بالقول: إن سياستنا قائمة على تحسين اجواء العمل ودعم حقوق الملكية الفكرية وتعديل قوانين الاستثمار ومكافحة تبييض الاموال وتوفير الاجواء المناسبة لاستثمار الشركات المعرفية وتلك العاملة في المجالات التقنية والاقتصادية.
وخلص الرئيس روحاني كلمته بالقول ان الشعب الايراني عازم على بناء ايران حرة ومتطورة، ومؤمن بالمساهمة في التنمية الاقليمية على أساس الاخلاق واحترام الحقوق الدولية ومن هذا المنطلق أصالة عن نفسي ونيابة عن الشعب الايراني، ادعو كل من يتطلع الى تحقيق السلام والامن والتطور في ظل تعاون الشعوب، الى المجيء الى ايران والمساهمة في بناء مستقبل مفعم بالامل.
وشدد؛ نحن قادرون وفي إطار القرار الذي اتخذته الجمعية العامة قبل اربع سنوات بشأن إيجاد عالم خال من العنف والتطرف، ان نغير خطاب فرض الرأي على الآخرين والأحادية والإرعاب والحرب الى خطاب الحوار والسلام ليكون صوت الإعتدال هو الصوت الوحيد المسموع في جميع انحاء العالم.