13 مهر 1357 هـ.ش. ( 5 اكتبر 1978 ميلادي)
المهاجرة شأن تاريخي، هام في التاريخ الاسلامي، فمهاجرة النبي الاكرم(ص) من مكة الى المدينة، كانت منعطفاً في نمو وانتشار الدين المبين، واوجدت تغييرات وآثار وبركات عظيمة كثيرة للاسلام والمسلمين.
نستطيع تقييم و دراسة مهاجرة الامام من العراق الى باريس في آخر سنة لنفيه، في هذا المضمار. عندما اتفق العراق وايران وازداد التضييق واشتد التقييد على الامام، فضّل سماحته مغادرة العراق على عدم القيام بنشاط سياسي. حينها قرر سماحته الذهاب الى الكويت، الاّ ان نكث الكويت لاستقبال الامام (قدس سره) وحضوره على اراضيها، بعث على ان تخطر فكرة الذهاب الى باريس، على بال الامام، ليكون في قلب اوربا ومركز احد محاور التغيّرات الدولية وفي محط انظار الرأي العام العالمي. قال سماحته في هذا الشأن:
لم يكن من المقرر أن نذهب الى باريس. وحدثت امور لم يكن لإرادتنا فيها دخل. فمنذ البداية والى الآن كانت الأمور تسير بإرادة الله ولا أدعي بأنني عملت شيئاً ولا أنتم ايضاً. فكل شيء منه سبحانه!
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج10، ص: 141
مما لاريب فيه، ان مهاجرة الامام (قدس سره) التاريخية الى باريس، عجّلت في انتصار الثورة الاسلامية. شهوراً بل وسنوات، فقد تحولت قرية نوفل لوشاتو، محل اقامة الامام، في ضاحية باريس الى اهم مراكز اعلامٍ واخبار في العالم، حيث كان المراسلون الصحفيون، ينتظرون الامام، للاستماع الى كلماته وبثّها الى الشعب الايراني والعالم اجمع.
لقد حدثت معجزة! فاخبار ونداءات الامام، عند اقامته في العراق، كانت تصل بِنُدرة وصعوبة الى الشعب الايراني الثائر، نظراً لما كان يتعرض له من تقييد. الاّ ان حضوره في باريس ولقاءاته الصحفية، الاذاعية والتلفزيونية، التي كانت تبث مايصدر عن سماحته، من تصد للظلم ومقارعة للظالمين، كانت تُسمع في كافة انحاء العام بسرعة وسهولة، ولم يستطع النظام الشاهنشاهي فعل اي شيئ تجاه ذلك!.. هكذا، اصبحت مؤامرة الشاه للضغط على الامام (قدس سره) وتقييده، وبالاً عليه، وانقلب السحر على الساحر! بعون الله تعالى وعنايته.. وبعد اربعة اشهر من اقامته في فرنسا، تم التمهيد لعودته الى الوطن وانتصار الثورة الاسلامية.