مما يلفت النظر الى ستراتيجية الامام الخميني (قدس سره)، بصورة عامة، هي تمحورها حول الله تعالى وبأن يكون الباري عزوجل، هو المحور الاساس في ذلك، كأحد الاركان المكونة لتلك الاستراتيجية، وبما ان الامام، قائد ومدير عالٍ، فقد استطاع ان يبدأ حركته الثورية، بثقافة محورية الله تعالى، وسعى خلال مسار حياته السياسية الطويل، استمداد العون من قدرة تفوق القدرة البشرية.. وهكذا، كان في كافة مراحل حياته الفردية والاجتماعية، معتقداً بأن الاشراف الالهي ورضا الله تعالى هو المطلوب. كمثال، نورد ماطرأ على سماحته خلال مناقشة وعرض مرجعيته، حيث قابل ذلك بالاستياء واعلن انه غير راضٍ، لمناقشة هذه المسألة في بيته بشكل عام. قال "يشهد الله اني ماخطوتُ خطوة واحدة للوصول الى المرجعية، اما اذا اتجهت الىّ (المرجعية) فاني لا اتراجع عن ذلك" (وجداني مصطفى، خواطر خاصة في حياة الامام الخميني (قدس سره)، فارسي، ج2، ص 101.).
فالذي ينظر الى اركان محورية الله تعالى، حسب رؤية الامام (قدس سره)، يستطيع التوصل الى مقاسات تحدد ذلك، مما بينها: القيام لله، الاخلاص في الحوافز، الفكر، العمل والخدمة في سبيل الله. لقد كان الامام في بدء حركته السياسية منسجماً في مسار محورية الله تعالى، وكذلك الثورة الاسلامية الكبيرة متناسقة مع اصل ستراتيجية محورية الله، بالتمسك بالأيات الالهية اعتبر سماحته (قدس سره)، حركته الثورية قياماً لله عزوجل، ودعا اتباعه الى ذلك، حيث قال: " ان كل شيئ يكمن في القيام لله. ان القيام لله يأتي بمعرفة الله"( صحيفة الامام، فارسي، ج18، ص 126.)، لذا، فالقيام لله مقاس محورية الله تعالى ونتيجته النصر والفلاح والهزيمة عكس ذلك.
اما الاخلاص في الحوافز، فقد عبر راغب الاصفهاني عن حقيقة الاخلاص بقوله "ان حقيقة الاخلاص هي التبري عن كل شيئ غير الله"( الاصفهاني، ابوالقاسم الحسين بن فضل (الراغب) المفردات، طهران، مركز المرتضوية لاحياء أثار الجعفرية، مادة (خلص)). هذا مايقوم عليه الاخلاص.. ان تتجرد من اي عامل يبعدك عن التقرب الى الله تعالى اكثر فاكثر، وهكذا كانت حوافز الامام (قدس سره).. وان يكون الاخلاص في الفكر ايضاً.. ان تخلص فكرك وما يدركه وما يشعربه وتتجه به نحو الله عزوجل لانه المحور.. وكذلك، العمل مخلصاً .. ان تخلص في العمل الذي تقوم به، فهو يشكل قاعدة هامة لخدمة الله جل جلاله.. وان تخدم في سبيله.
اشار سماحته عند استقباله مسؤولي ومدراء البلاد، الى هذا العامل، قائلاً: "اعلموا جميعا ايها السادة ان الله يطلع على اعمالكم ، فعليكم ان تعلموا ان الله يعلم بكل ما تريدون ان تفعلوا من طرد احدهم من العمل او طرد طفيلي غير اسلامي واعلموا ايضا ان الله يعلم بكل عمل مناف وخلاف للشرع عن عمد او غير عمد. لذلك ينبغي عليكم ان تسعوا لكي تكون اعمالكم كلها اسلامية ومن اجل الله وخدمة الله". (صحيفة الامام الخميني، ج 16، ص 368)