ما قال الامام الخميني في بداية الحرب المفروضة على ايران؟

ما قال الامام الخميني في بداية الحرب المفروضة على ايران؟

كانت البلاد وكان الشعب الايراني تحت تأثير الثورة العظيمة قبل سنتين، حين بدأ النظام الصدامي الحرب على ايران في 31/6/1359 هـ.ش. (22 أيلول 1980م)، وخلال ازمات متعددة كانت تعصف بالبلاد..


كانت البلاد وكان الشعب الايراني تحت تأثير الثورة العظيمة قبل سنتين، حين بدأ النظام الصدامي الحرب على ايران في 31/6/1359 هـ.ش. (22 أيلول 1980م)، وخلال ازمات متعددة كانت تعصف بالبلاد... الدخول في حرب شاملة مع بلد ذي قدرة عسكرية قوية ويتمتع بمساندة وحماية القوى العالمية العظمى، كان يمهد الطريق لازمات مابعد الثورة لان تصل الى ذروتها وبالامكان ان تتحول الى خطر جدي يهدد الثورة.
حسب ماورد في موقع جماران الاخباري الاعلامي، ان النظام البعثي العراقي والدول المساندة له، بالنظر لتقييمهم للاوضاع والظروف الحاكمة في ايران أنذاك، كانوا على ثقة تامة بأن الانتصار في الحرب أتٍ لامحالة! واِنْ كان الشك يراودهم في الانتصار، قيد انملة، لما دخلوا الحرب!..
وما حدث خلال الايام الاولى للحرب.. اطاح بكل ما بنوه وانهارت جميع معادلاتهم العسكرية والسياسية... واستطاع نظام الجمهوري الاسلامية الفتي، وحسب ماكانوا يتصورون المتشنج، صد الهجوم، وتمكن من ترسيخ اعمدة الثورة والنظام طوال سنوات الحرب ولم يسمح باَن تُحدث خللاً في الثورة.
مما لاشك فيه، ان اهم ما بعث على انهيار معادلات وتصورات النظام البعثي العراقي في الايام الاولى للحرب، هو وجود قيادة و ادارة شخص كسماحة الامام الخميني (قدس سره) في الجبهة المقابلة لذلك. لقد قام العراقيون بتقييم الامكانيات والقوات العسكرية والاسلحة في ايران، اِلا انهم غفلوا عن المقدرة الفردية لقائد ايران واعتقاد الشعب به والثقافة حوله، لذا، فقد وجه سماحة الامام الخميني (قدس سره) نداءً الى الجيش العراقي، شرح فيه سبب دفاع القوات الايرانية عن البلاد.. ولماذا الحرب مع ايران؟ فقد اتخذ سلاح الايمان للحرب مع الكفر، خلال الايام الاولى، و استطاع بذلك، على احسن وجه، تبديد هجوم العدو وايصال البلاد الى بر الامان عبر الايام الاولى الملتهبة في الحرب.
عند بدء هجوم القوات العراقية على حدود ايران، وجه الامام الخميني (قدس سره) نداءات عن طريق الاذاعة والتلفزيون، داعياً فيها الشعب الايراني الى الهدوء والحذر، ومضمناً التحذير فيها الى النظام البعثي في شروع التعدي على الاراضي الايرانية... بالاضافة الى انه سماحته، وجه ، ايضاً، نداءات الى الجيش والشعب العراقي، موضحاً فيها بعض عوامل ودوافع بدء الحرب.
يتوجب ان لا يتضرر الشعب العراقي – لا سمح الله-
قال الامام الخميني (قدس سره) في اول نداء له، للنظام العراقي، فيما يتعلق بالتعدي على الاراضي الايرانية، محذّراَ اياه (من مغبة ذلك) : "هناك بعض النقاط يجب أن تقال: أولًا: على هذا النظام أن لا يظن أنّ شعبنا وجيشنا عاجزان عن الرد على إعتداءاته؛ إني وعند الضرورة، وفي اللحظة المناسبة، سأوجه ندائي للشعب ليثبت لصدام حسين وأمثاله من الأذناب لأمريكا، بأنهم ليسوا شيئاً يذكر، وسيكون ردنا مبنياً على أساس وقف هؤلاء عند حدّهم، دون أن يمسّ الشعب العراقي (لا قدّر الله) أدنى ضرر. لذا فإننا عازمون ومصممون في حال لم يتجاوز العراق حدّه، وكرر إعتداءاته، أن نعلن التعبئة العامة في صفوف الشعب، وعندها على الشعب العراقي أن يعلم باننا لسنا طرفاً معه، وإنما شغلنا مع صدّام حسين وأذنابه، الذين حرضتهم أمريكا ليعتدوا علينا. وإنّ ردنا سيكون موجهاً ضد هؤلاء".
توصية للشعب بضبط النفس ومواجهة مروّجي الشائعات‏
لديّ كلام موجّه للشعب الإيراني، وكلام آخر، موجّه للشعب والجيش العراقي. أمّا فيما يخصّ الشعب الإيراني: فعلى هذا الشعب أن لا يظن بأنّ جيشنا عاجز عن الوقوف في وجه هؤلاء المعتدين، كلا، إن الجيش الإيراني، وقواته المسلحة، وقوات حرس الثورة، قادرون على ذلك، ولكنهم لا يستطيعون فعل أي شي‏ء، ما لم تصبح المسألة جديّة. ففي اليوم الذي تصبح فيه المسألة جدية، سآمرهم أن يتعاملوا مع الأمور بجدية، وأن يوقفوا العراق عند حدّه.

إنذار للجيش الصدامي

وأما كلامي الموجّه للجيش العراقي، هو أنّك مع من تريد أن تحارب؟ ومن تناصر، ومن تخالف؟ أتناصر صدّام الإشتراكي الكافر؟! وضد من؟ أضد الإسلام؟! على الجيش العراقي أن يعلم، أن هذا الانسان الذي يتظاهر بذكر علي بن أبي طالب (ع) تارةً، وذكر الحسين بن علي (ع) تارة أخرى، هو أعدى أعدائهما، إنّه أصلًا عدوٌ للإسلام.على الجيش العراقي أن يعلم أن حربه هذه، حرب ضد الإسلام، ويناصر فيها الكفر على الإسلام، والله تبارك وتعالى لن يغفر ولن يترك من يقوم ضد الإسلام مناصراً للكفر من العقاب، فصدام حسين بحسب الحكم الشرعي، هو كافر، وظهير للكفار.

نداء الامام الخميني (قدس سره) المؤلف من سبعة بُنود الى الشعب الايراني


قام سماحةالامام (قدس سره)، خلال اليوم الاول لاعتداء العراق على ايران، بتوجيه نداء أخر الى الشعب الايراني في سبعة بُنود، يلفت فيها الانظار الى وجوب اطاعة مجلس القيادة، وواجب الاعلام في نقل اخبار الحرب، وواجب افراد الشعب وقوات حفظ الامن للتصدي لمن يقوم بالشائعات..
الواجب الشرعي والإلهي والإنساني للشعب العراقی
في اليوم الثالث للحرب اي، يوم 2/7/1359 هـ.ش (24 أيلول1980م) وجه الامام الخميني (قدس سره) نداءاً، ايضاً، مخاطباً فيه الجيش والشعب العراقي، للانتفاضة الشاملة ضد النظام البعثي في العراق وان ذلك واجب شرعي، الهي وانساني بالنسبة لهم:
‏أيها الشعب العراقي المسلم المجاهد الشريف، أيتها القوات المسلحة العراقية المسلمة، ضباطاً، وجنوداً، أيها العمال والموظفون، لقد شاهدتم بأمّ أعينكم، ولا زلتم تشاهدون، ما يرتكبه حزب البعث الكافر من جرائم وفظائع وخيانات، وذقتم مرارة هذه الحكومة البعثية الكافرة، وتعلمون أن صدام حسين وعصابته أتباع ميشيل عفلق الملحد، وأزلام الصهيونية والإمبريالية، وبأمرٍ من ساداتهم مصاصي دماء الشعوب، قد هاجموا إيران وشعبها المسلم- الذي استطاع ببركة الإسلام ونداءات الله أكبر أن يخرج الكفار من بلاده- وراحوا يرتكبون القتل بلا رحمة في إخوانكم الإيرانيين المسلمين.
وأنكم تعلمون، أنّ هذه الحرب بين بعثيّي العراق وإيران، هي حرب بين الكفر والإسلام، بين القرآن والإلحاد، لذا، ويجب عليكم وعلى جميع مسلمي العالم، أن ينهضوا للذود عن الإسلام، والقرآن العزيز، وللقضاء على هؤلاء الخونة، وتطهير الأرض منهم.
إنّ واجبكم الشرعي والإلهي والإنساني يحتم عليكم الآن، وفي أي موقع أنتم فيه، العمل على إضعاف هذا النظام ومواجهته....
وعلى الشعب العراقي الامتناع عن دفع الضرائب ورسوم الماء والكهرباء لهذه الحكومة الكافرة، لأن في ذلك عوناً لحكومة كافرة غير شرعية هي في حال حرب مع الإسلام، والقيام بتظاهرات ومسيرات مليونية، يُعلن فيها عن رفضه وإدانته للأعمال الإجرامية التي يمارسها هذا النظام الجائر.
إخواننا العراقيين، عليكم أن تعلموا، أن إخوانكم الإيرانيين في حالة استنفار عام، وفي أي وقت نشعر فيه بالضرورة، فسنعلن التعبئة العامة لضرب أعداء الإسلام والمناهضين له....


نحن اقوياء و سنتغلّب عليهم


في اليوم التالي، وعلى اثر بث شائعات، بعد قيام الجيش بمناورة جوية في سماء طهران، قال الامام الخميني (قدس سره) خلال نداء اذاعي، متلفز، مخاطباً الشعب الايراني، لطمأنة مجموعات من افراد الشعب: "لاوجود لعامل يبعث على الاضطراب .. نحن اقوياء و... سنتغلب عليهم".
واضاف: "وبعون الله وتأييده، وبهمة الجماهير المسلمة، ستُجتَث جذور الفساد وسينتشر الإسلام في كل مكان. وما إعتمادنا إلّا على الله ولن نخشى أحداً سواه. فعليك أيها الشعب العزيز بالتوحد، والإصرار، والعزم، ولا تسمح للخوف أن يتسرب إلى أعماقك، فليس هناك ما يخيف".
تثمين المواقف المشرّفة للجيش والقوات المسلحة
قام الامام الخميني (قدس سره) في اليوم4/7/1359هـش ( 26 أيلول 1980 م) بتوجيه نداء الى القوات المسلحة الايرانية، ثمّن فيه مواقفها المشرفة.. وكردّ على حرب العدو النفسية واشاعة رحيل الامام، قال سماحته:" وسمعنا أنهم اليوم يبثون شائعة أخرى، مفادها أن فلان قد مات وعبروا عن فرحهم وسرورهم بموته. إنهم مخطأون، كان عليهم أن يتمنوا موت الله، لا نبأ وفاتي أنا، الله موجود فمن أنا وما خطري وتأثيري. إنّ أمتنا لها رب‏".
نحن نحارب في سبيل الله، لماذا يقاتل جيش العراق؟
"إنه لمن المؤسف أن يرى الإنسان جيش العراق وهو جيش مسلم، قبلته الكعبة وكتابه القرآن، ونبيه رسول الإسلام، تائهاً لا يدري لماذا يقاتل ومن أجل من، وبأي دافع يحارب؟ أفلا يعلم أن من يقاتلهم هم من المسلمين؟ بالتأكيد شتان ما بين إسلامنا وإسلام صدام وأزلامه، الذي اتهمنا بالمجوسية، هذه المسألة التي أكل عليها الدهر وشرب، فلأجل من يقدم هذا الجيش كل هذه الدماء؟ أما آن له أن يعلم أنّ إيران لا تخضعها هكذا حرب، وأن قتلاه في هذه الحرب سيخسرون الدنيا والآخرة.
فلأجل ماذا يهدرون دمهم هكذا، وما هو الدافع لذلك؟ أيمكنهم الإدعاء بأنهم يقاتلون لأجل الله؟ كيف هذا؟ وصدام وميشيل عفلق ملحدان، بعيدان كل البعد عن الإسلام وعن الله، وحزبهم حزب البعث، حزب كافر، لا علاقة له بالدين وبالله. إذاً، فإنكم تقدّمون دماءكم في غير سبيل الله، فما هو دافعكم إذاً؟
إن الدوافع التي حررت في أمتنا هذه الطاقات الإعجازية، جعلتها تقاتل بدافع إلهي، وبروحية من يدرك أن كل ما تملكه هو من الله، وأن الله مالك أمرها، وإليه منقلبها، وهذه في الحقيقة نفس دوافع جيش الإسلام، التي شهدناها في صدر الإسلام، ونشهدها الآن. فما هو دافعكم أنتم؟ ألأجل الله تحاربون الإسلام؟ ألأجل الله تخالفون القرآن أم لأجل صدام حسين؟!"
تفقدوا ذوي الشهداء وعائلاتهم
في اليوم 5/7/1359 هـ.ش ( 27 أيلول 1980م)، اليوم السادس لبدء اعتداء العراق على ايران، طلب سماحة الامام (قدس سره) من العلماء ورجال الدين وكافة افراد الشعب تفقد عوائل الشهداء والتعاطف معهم: "في ظل هكذا ظروف صعبة تخوض فيها قواتنا المسلحة، وبنية خالصة وقلوب مفعمة بالمحبة والولاء للإسلام وللدولة الإسلامية غمار حربٍ دفاعية مفروضة مع أعداء الإسلام وعلى رأسهم أمريكا، وفي وقت يشن فيه أمثال صدام وبأمرٍ من الشيطان الأكبر حرباً شعواء ضد بلدنا الإسلامي، وتتصدى له قواتنا المسلحة ببطولة وفداء منقطع النظير، يتحتم على جميع أفراد الشعب وخصوصاً علماء الدين الأعلام تفقد ذوي الشهداء وعائلاتهم، وبذل قصارى جهدهم في تقديم كافة أنواع العون والدعم المادي والمعنوي لهم، وأن لا يبخلوا عليهم ولو بشي‏ء من عواطفهم ومشاعرهم الإنسانية".

نصرنا مؤكد


خلال هذا اليوم وفي نداء موّجه الى علماء وشيوخ اهل السنة، وكذلك نُوّاب مجلس الشورى الاسلامي، شكر فيه دعمهم ومساندتهم، قائلاً: "إننا سنجاهد ونناضل دفاعاً عن وطننا الغالي ما دام الدم يجري في عروقنا ولن نلقي بأسلحتنا على الأرض حتى يتحقق النصر المؤكد، فاليوم يوم الدفاع العام، وعلى أهالي كل مدينة الدفاع عن مدينتهم، وتقديم العون والدعم للمدن الأخرى التي دمرتها الحرب، والتعاون بشكل وثيق مع قوات الجيش وحرس الثورة ولا يتوانوا عن تقديم أي عون لهم. كما أنه يتوجب على العشائر الغيارى أن تحمي حدود البلاد وتدافع عنها، فالتحديات التي تتعرض لها الأمة تستلزم من جميع أبنائها أن يضعوا أيديهم في أيدي الجيش وقوات حرس الثورة الشجعان، ليعلم العدو أنّه في حال دخوله مدينة ما فسيواجه بجيش شعبي مسلح مستعد للدفاع عن كل شبرٍ من أرضه وبلده، إن هذه الأيام تتطلب من علماء الدين الأعزاء أن يبثوا في أبناء هذه الأمة روح الشهادة والشهامة والشجاعة، وقد فعلوا، بحمد الله، فاليوم يوم الإتحاد والتضامن ومن العناية الإلهية لنا أن جميع المؤامرات والحروب التي حاكها ودبرها الأعداء ضد أمتنا، وجميع الفتن التي حاولوا إثارتها في صفوف شعبنا، كانت على عكس ما ينتظرون، وتزيد من تضامن الشعب وتلاحمه في وجه قوى الشر".

(صحيفة الإمام، ج‏13)


لقد استطاع سماحة الامام الخميني (قدس سره) في الاسبوع الاول للحرب المفروضة، بدقة نظر وحصافة وخلال نداءات متعاقبة للمقاتلين والشعب الايراني، والشعب والجيش العراقي، استطاع بافضل وجه، ادارة الاسبوع الاول من الحرب، وهو الاهم والاصعب في فترة الدفاع في السنوات الثمان ، امام اعتداء الجيش العراقي وبعث على يأس الجيش والنظام البعثي في العراق، الذي كان يتصور الانتصار على ايران خلال ايام... استمرت طريقة قيادة الامام الحكيمة هذه في الايام التي تعاقبت وبعثت على ان يستعيد الجيش والقوات المسلحة والشعب الايراني.. بالتدريج قواهم المعنوية والروحية ويطردون العدو البعثي من اراضيهم الى المكان الذي يليق به!.


















ارسل هذا الخبر الی الاصدقاء