بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى في محكم كتابه " ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ." 11_ الرعد.
سنة الخليقة، التغييرو التجدد، وليس الركود والخمود والانزواء والاعتياد على حال من الاحوال واحد! هكذا اراد الله المتعال للانسان ان يتقدم و يصوغ و يزكي نفسه، الى افضل وافضل ويتربع على المكانة اللائقة به كخليفة لله عز وجل على الارض، وان يتجنب ما يريده له الطغاة وسفلة الناس، بهدف استعباده و استغلاله كمطية تقاد هنا وهناك، لتمشية امورهم، وان نفقت فغيرها ! لتبقى منافعهم دائمة، ثابتة و استثماراتهم متصاعدة، متوالية، لا انتهاء لها و لا نقصان فیها ! ... هذا ما يتوخى اليه السلطويون واذيالهم، و يدمرون الحرث والنسل والبشر والحجر، في سبيل الوصول اليه واخذ زمام رعية ما ! فان ارتضت بما لقنوها واطعموها به، فقد انصاعت لاوامرهم واستعبدت نفسها بنفسها ! وان تحركت وانتفضت ونفضت ما عليها من غبار، فهي منتصرة، على نهج الله تعالى سائرة حتى لو احاطتها دماء ابنائها من کل حدب و صوب ... !
وجاءها التغییر بما وهب لها الله المتعال من قيادة فذة، حكيمة، وبصيرة تقودها الى مسار النور، والتحرر من كل ما له صلة بالشيطان واتباعه، من حكام اقزام اذناب له، او شياطين كبار وصغار سلطويين، مذهبهم الرق وديدنهم نحر الشعوب و نهب ثرواتها ! ... فالتغيير، اذن، سنة لا بد منها، ليغير الخالق عز وجل ما بقوم . ان الشعوب تصنع التغيير والتجدد، اذا ما اتيح لها الانضواء تحت قيادة مبصرة، الهية . وهذا ما حدث في الخامس عشر من خرداد عام 1342 ه. ش. (1963/6/6 م)، عندما انطلقت اول شرارة للانتفاضة العارمة والعاصفة الكاسحة، بقيادة الامام الخميني (قدس سره) ف " بحلول 15 خرداد، تتجدد خاطرة هذا اليوم التاريخي المحزنة، الباعثة على الحماسة. ففي ذلك اليوم، خضب زهاء خمسة عشر الفا من شعبنا المظلوم المضطهد بدمائهم . وهو الیوم الذي لاحت فيه طليعة الثورة الاسلامية لهذا الشعب الشجاع الغيور " (1)...خمسة عشر الف شهيد، سقطوا قرابين على مذبح التحرر والاستقلال، خلال احداث ذلك اليوم العظيم و ماتبعه ... فالتغيير هو هذا، بحقيقته و واقعه و ما سطره بكلمات عسجدية حمراء، اضاءت مسارات شعب مغلوب علی امره، مستعبد، یلتحف السماء ویفترش الارض، على رغم ما منحه الله تعالى من ثروات جمة ! وانطلق على " اثر قيام رجال الدين الملتزمين المسؤولين، على محمد رضا بهلوي الذي تجلت مخالفته للاسلام العزيز، وازدادت تجليا، فنهض رجال الدين اعتراضا عليه، عصر عاشوراء اثر حادثة مزعجة، وتعاظم موج الاعتراض الاسلامي، الانساني وبلغ اوجه، فامتدت يد الاستعمار النجسة من كم الملك المخلوع، وخطت غائلة 15 خرداد، الموافق للثاني عشر من محرم (انذاك) بالم ما يكون. " (2) ...و ها نحن على اعتاب تلك الانتفاضة المزلزلة، لا يسعنا الا ان ننحني اعجابا، تكريما وتعظيما، لشعب ضحى بخمسة عشر الف شهيد من ابنائه، في اول انطلاقة له، بقيادة ثلة من عظما ء دین الله الحنیف و علی راسهم، مشعلا وهاجا, سماحة الامام الخميني (قدس سره) ... وتوالت الاحداث صغيرة وكبيرة وتراكمت السحب، خلال سنوات وسنوات، لتعطي ثمارها بانبثاق ثورة عظيمة لا مثيل لها، هشمت وثن الامبريالية الامريكية ومرتكزها في ايران، محمد رضا بهلوي واطاحت بنظام متعفن، انغمس في مستنقع العبودية، وحول شعبه وحضارته العريقة، الى دمية بايدي السلطويين الانجاس من الامريكيين وغيرهم، ومنح الكيان الصهيوني الغاصب، مقرا في عاصمة اسلامية كبيرة، ليكون مركز تجسس و موامرات، ليس على ايران فقط بل وعلى جيرانه كافة ! وما الحكومات التي توالت الواحدة بعد الاخرى خلال العهد الملكي المقبور، الا ادوات بيد السيد الامريكي المطاع ! ... " لقد سود الخامس عشر من خرداد وجه الحكومات، و ان لم نشا ان يحصل كل هذا العار، فالخامس عشر من خرداد ترك وصمة عار على هذا البلد، لا تمكن ازالتها الى الابد ! وقد قالوا بانفسهم عنه انه كان عارا ' وانا ايضا اقول انه كان عارا ! " (3) ... فهل يدرك الامريكان و ذيولهم، ما معنى العار او وصمة العار، كما ذكر ذلك الامام الخميني (قدس سره) ؟ وهم، لا زالوا، يتبجحون، الى اليوم, بالحرية وحقوق الانسان والدفاع عن كرامة الانسان ؟! فاية حرية وحقوق هذه ؟ وهم في امريكا نفسها، يبيحون دماء الامريكيين السود، لان بشرتهم سوداء!
فما هو السبب، اذن، وما هو المفهوم الاصح لذلك العار و وصمته ؟ ... اهو ما قاله الامام الخمینی (قدس سره) من انهم " لم يذكروا السبب، و انا اقوله : وهو، انها كانت عارا، لانهم اشتروا هذه الرشاشات والدبابات والمدافع والبنادق باموال هذا الشعب الفقير، واستعملوها على هذا الشعب الفقير بالذات ! فهل هناك عار اكبر من هذا ؟ ! وهل يجوز ان يسحق احد شعبا بهذه الصورة ؟! " (4)... ام غير ذلك ؟ ... بل هو الحقيقة بعينها والواقع الواقع كما ذكره مفجر الثورة الاسلامية المجيدة، الامام الخميني (قدس سره). فشعب كهذا، لا يندحر، فهو نبراس لكل احرار العالم اينما وجدوا، على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم ... ان القافلة منطلقة على مسار الحق تعالى، ولا تعير اية اهمية، لنباح كلب مستعر او زوبعة في فنجان !
________
1_ صحيفة الامام العربية، ج 8 ص 47.
2_ نفس المصدر.
3_ صحيفة الامام العربية، ج 1 ص376.
4_ نفس المصدر.
________
د. سيد حمود خواسته _ القسم العربي.