عمل الإمام الخميني قدس سره على إعادة القدس إلى موقعها الطبيعي من خلال الإضاءة على مجموعة الأبعاد التي ترمز إليها، فهي ليست رمزاً شخصياً ولا وطنياً ولا قومياً، كما أنها ليست قضية دين أو ملّة بعينها، إنها قضية الإنسان والأمم والتاريخ والحرية، والحق والأديان والأوطان والأزمان، وأنها رمز المظلومية والاستضعاف على امتداد هذا العالم الذي يتدافع فيه الناس بين موقعي الحق والباطل، وهي المكان الشاهد على تحدي الاستكبار لسنن التاريخ، ومخالفته للقوانين وانتهاكه للحقوق، وسيطرته بالقوة والهيمنة على بقاع الأرض، وان خير البقاع القدس وقد نالت نصيبها الوافر من الأسر والتسلط والاستبداد والظلم، حتى وصلت حدود ذلك إلى مساجدها وكنائسها والى دور العبادة فيها التي يفترض بها أن تكون وادعة آمنة مطمئنة يحيط بها السكون والرهبة في ظلال الرب العطوف الرؤوف الذي اختار هذه البقعة من العالم لتكون محل إشعاع للرحمة وللرحمانيين ومحل سلام وامن للعابرين والقاصدين والحاجين فإذا بها تحول بفعل الأيدي الآثمة والنفوس الشريرة لأسوأ خلق الله إلى محل مغتصب سجين، تحيط به الأسوار من كل جانب، ويعتصره الألم في كل زاوية، وتذرف عيناه الدموع في كل اتجاه، ويستصرخ الضمائر الإنسانية التي صاغها الرب الذي اصطفاه من بين الأمكنة لكي تحج إليه الملايين من المحبين والمؤمنين ليلبوا حاجة الإنس إلى جوار النبيين والصالحين.
وقد تحدث الإمام الخميني قدس سره عن هذه الزاوية بقوله: "إن مسألة القدس ليست مسألة شخصية، وليست خاصة ببلد ما، وليست خاصة بمسلمي العالم في العصر الحاضر".
كما أكد الإمام الخميني قدس سره على أن قضية القدس ليست مرتبطة بالزمن الحاضر، بل هي على الدوام قضية المؤمنين من أتباع الديانات، لذا فهي آخذة بالتفاعل التدريجي من الماضي إلى الحاضر وصولاً إلى المستقبل حيث الوعد بتخليص هذا الرمز من الاحتلال.
وفي نفس المعنى يقول الإمام الخميني قدس سره: "إنها، أي قضية القدس مسألة تخص الموحدين في العالم، والمؤمنين في الأعصار الماضية والحاضرة والقادمة ومنذ اليوم الذي وضع فيه الحجر الأساس للمسجد الأقصى وحتى الآن وما دام هذا الكوكب السيّار يدور في عالم الوجود".