عندما ننظر إلى الإعلام الموجود في يومنا هذا في العالم نرى أن هناك إلحاحاً على إظهار طريقة الإمام رضوان الله عليه بمظهر الطريقة المناهضة للقيم أمام أنظار شعوب العالم ومسلمي العالم وخاصة الشعوب المنتفضة والمسلمين في البلدان الناهضة.
فعندما يريدون أن يوجهوا أصابع الاتهام إلى جهة ما فيقولون: إن هؤلاء ينوون إيجاد نظام على الطريقة الإيرانية أو إنهم يريدون السير على نهج الإمام، والبعض قد يرد على ذلك وذلك من منطلق السذاجة والجهل بامور الدين وضعف الايمان او افتاقده كليا.
إلا أن الحقيقة هي أن العالم الإسلامي ليس أمامه خيار غير السير على نهج إيران الإسلامية وطريق الإمام الخميني.
فلو أراد المسلمون في أي جزء من العالم، أولئك الناهجون الصادقون للإسلام، النجاة، ولو أرادوا رفع سلطة وهيمنة الشيطان الأكبر، وإذا ما أرادت الشعوب الإسلامية أن تتبع سبيل خلاصها، والخلاص من ضغوط أميركا والتخلص من الآلام التي تسببها السلطات العالمية بحق الشعوب فليس أمامها من سبيل غير انتهاج السبيل الذي وضعه الإمام الخميني أمام الشعب الإيراني والذي سلكه بقوة. وإن الشعب الإيراني استطاع ببركة صموده والسير على خطى إمامه أن يتذوق بركات هذا السبيل ولمس نتائجه، فليس أمام الشعوب الإسلامية سبيل لإنتهاجه غير هذا السبيل.
سر نجاح الإمام(قده)
إن هذا الشيء مستتر في شيء واحد والذي يمثل روح كل هذه الأشياء هو عبارة عن روح الصمود وعدم الاستسلام وعدم المساومة وعدم الانعطاف أمام القوة العالمية والسلطة العالمية أميركا وأمثالها. إن هذا يشكل روح الموضوع. فمن الممكن أن ينوي بلد تطبيق الإسلام واحياءه ولكن ما لم تتواجد فيه روح الصمود وعدم الانثناء أمام قوة أميركا المتسلطة، فإنه سيتم فصله عن الإسلام بشكل تدريجي. ومن الممكن أن يطرح نظام في البداية أعذب الشعارات المغرية وأكثرها بريقاً وأن يبدأ السير لتحقيقها، ولكن ما لم تتوفر روح عدم الإستسلام في هذا الشعب وقيادته أمام الضغوط المختلفة، فسوف تؤخذ منهم الشعارات الواحدة تلو الأخرى، هل إن الاستكبار يعرف الحق؟ هل إن الاستكبار يتوقف في نقطة ما، ما لم يواجه أي صمود أمامه؟
إن السرّ الرئيسي لعمل الإمام الخمينى رضوان الله عليه وتقدمه والنجاحات الإلهية لذلك الرجل المبجّل وذلك القائد الفريد، كان يكمن في معرفته للعدو. فصمد أمامه بشجاعة و بقوة واستقامة دون أدنى ركون اوعتماد أو تسليم له.
إن الكل كان يعيش حالة العداء لإيران ومحاربتها وقد تعاونت القوتان بجد للوقوف أمام الثورة الإسلامية. وإن الإمام لم يتردد حتى لحظة واحدة, لأنه كان يؤمن بطريقه وكان يعتمد على الله وكان يؤمن بهذا الشعب، والشعب كان قد قبل إمامه
وعرفه ووقف خلفه. كل ذلك قد مكّن هذه البلاد وهذا النظام وهذا القائد وهذا الشعب من الوقوف بوجه أميركا والاتحاد السوفييتي الذي لم يعد اليوم له وجود خارجي والوقوف بوجه أوروبا بأسرها وغيرهم. هذا هو سرّ الموضوع.
الصمود والتضحية حتى النصر
قال الامام الخمينى (قد ه) :" لتعلم القوى العظمى أنّنا صامدون حتّى آخر لحظة"
إن لأخوة والأخوات من مختلف أرجاء العالم، من بين أنظمة مختلفة وتقاليد مختلفة وآداب وعادات مختلفة ولكن يشتركون في شيء واحد وهوالتعلق بالإسلام.
فلو أرادت امة النجاح في نصرة الإسلام ولو أرا دت إزاحة ضغوط أميركا وباقي القوى الكبرى من بلدها وتقليل هذه الضغوط، ولو أرادت أن تصون أنفسها من سلطة الوسائل والأدوات التي يستخدمها الشقي العالمي ضدها، فإن العلاج لكل هذه الأمور ينحصر في هذه الكلمة الواحدة والمتمثلة بتجربة إيران الإسلامية والتراث الذي خلده إمام الأمة لمسلمي العالم، وهو عدم الرضوخ لأمريكا. فلو استطاعت توفير هذا الصمود ومعرفة سُبل الضغوطات والوقوف بوجهها جميعاً، فإن النصر مضمون وحتمي.
طبيعي أن الجهاد صعب، وأن السبيل إلى الله مقرون بالمشاكل ، إلا أن الهدف سام، الهدف هو انقاذ الإنسانية ، الهدف هو انقاذ الشعوب والبلدان من هذا الانحطاط الذي أوجده العالم الاستكباري لشعوب العالم. فإن التضحية وتحمل الصعوابات من أجل بلوغ مثل هذه الأهداف أمران جديران بالإهتمام. وإن العلاج لتحقيق التقدم وسر التقدم يكمن في عدم الإستسلام. وأن لا يكون الأمر هكذا، بأن يفلح الإعلام الاستكباري في زعزعة قادة الثورة والشعب عن مواقفهم والاستجابة حتى لكلمة واحدة من مطالب القوى الاستكبارية. فكلمة الاستسلام أمام العدو تمثل خطوة واحدة وكلمة واحدة وهذا يعني الفشل.
إن الاستكبار عديم الرحمة وعديم العاطفة. وإنه ينشد تحقيق أغراضه الاستكبارية القذرة والخبيثة. فحيثما أحسّ بوجود روح الاستسلام والتراجع في أي شعب، فإنه سيضاعف ضغوطه عليه.
هذا هو وضع المسلمين في أي نقطة من العالم لا يواجه فيها المسلمون بشكل من الأشكال خبث الاستكبار العالمي وخبث أجهزة السلطة العالمية. إذن فما هو العلاج؟..
عزة المسلمين في الوحدة
قال الامام الخمينى (قد ه) : "يا مستضعفي العالم اتحدوا، وقال أيضاً، »إن هذا القرن هو قرن انتصار المستضعفين على المستكبرين«.
إن الخلاص لا يتحقق إلا من خلال صمود المسلمين أنفسهم، ولا يتحقق إلا من خلال وحدة المسلمين وتماسكهم، ووعي المجتمعات الإسلامية واستخدام القوة الإسلامية الهائلة الكامنة في كافة أرجاء العالم.
يكفى النظر إلى ما تفعله دويلة إسرائيل الغاصبة وما يفعله هؤلاء الصهاينة الغاصبون ضد الشعب الفلسطيني. من الذي يجب أن يدافع عن هؤلاء المسلمين؟ فبالرغم من وجود أكثر من مليار مسلم في العالم، هل ينبغي على المسلمين أن يبقوا متفرجين ويشاهدوا المجازر ضد أبنائهم ونسائهم ولا يحركوا ساكناً؟.
إن المسلمين والمجتمعات الإسلامية تتمتع بهذا المقدار الهائل من المصادر المعدنية والثروة والسلاح، إذن فلماذا لم تتمكن الشعوب من الدفاع عن أنفسها؟.
الجواب هو: لأنها غير متحدة. فلماذا لم تتحد؟ الجواب هو: لأن الدول التي ينبغي عليها ضمان هذا الاتحاد تختلف في أهدافها. هناك الأهداف ذات النزعة الوطنية، وهناك الأهداف الكافرة والأهداف اللاإسلامية.. الشعوب تتودد فيما بينها. فهل نعرف شعبين حاقدين فيما بينهما؟ إن الشعبين الإيراني والعراقي قد تعانقا وتصافحا بكل حرارة في أعقاب ثمان سنوات من الحرب. فالحرب غير مرتبطة بالشعوب.. وإن الخلافات لم تكن بين الشعوب وإنما مرتبطة بالدول التي تحمل دوافعاً غيرإسلامية.. فينبغي معالجة هذا الأمر. يجب أن تتمكن الشعوب من تحقيق أهدافها وتطلعاتها في بلدانها وفي باقي مناطق العالم. وعلى الدول أن تقبل سبيل شعوبها وأن تسير فيه. وإن السبيل المؤدي إلى ذلك يتمثل في العودة إلى الإسلام والعمل بالقرآن الكريم وعدم الخوف من أعداء الإسلام.
قال الامام الخمينى (قد ه)
’’لا سبيل لدينا ـ لتحقيق وحدة امتنا الإسلامية، واخراج وطننا الإسلامي وتحريره من تحت سيطرة ونفوذ المستعمرين، والدول العميلة له ـ سوى بتأسيس دولة. اذ لكي نحقق الوحدة والحرية للشعوب الإسلامية يجب إسقاط الحكومات الظالمة والعميلة، ومن ثم إقامة الحكومة الإسلامية العادلة التي تكون في خدمة الناس. فتأسيس الحكومة هو لأجل حفظ نظام ووحدة المسلمين، كما تقول الزهراء (ع) في خطبتها من أن الأمامة هي لأجل حفظ النظام، وتبديل افتراق المسلمين إلى اتحاد’’.
يجب الوقوف بوجه تهديد العدو والاتكال على الله، والمستقبل لمن لجا الى الاسلام , الى حكومة العدل والقانون- حكومة امير المومنين (ع) النموذجية التى استرجعها الامام الخمينى رظوان الله عليه . إننا نأمل في أن تتمكن شعوب العالم الإسلامي في كافة أرجاء العالم من معرفة طريق الإمام الذي يمثل الطريق الإسلامي بشكل صحيح وأن يسلكه بشكل جيد فعسى الله أن يذلّ أعداء الإسلام وأن يمنّ بالعزّة والعظمة على الأمة الإسلامية
قال الإمام الخميني (قد ه)
"لن يتمكن المسلمون من العيش في أمن وهدوء ـ مع حفظ إيمانهم وأخلاقهم الفاضلة ـ إلاّ في كنف حكومة العدل والقانون، الحكومة التي وضع الإسلام نظامها وطريقة إدارتها وقوانينها. فتكليفنا اليوم هو تطبيق مشروع الحكومة الإسلامية وترجمته في ساحة العمل.لا ينبغي لنا أن نتخلى فوراً عن ديننا وقوانيننا ذات الصلة بحياة البشر، والتي هي اساس الاصلاح لحال البشر في الدنيا والآخرة "
و قال ايظا رضوان الله عليه
فهذه الحكومة دائمة، ومن السنن الإلهية التي لا تقبل التغيير. وبناءً عليه فهناك ضرورة ـ في أيامنا هذه وعلى الدوام ـ لوجود ولي للأمر، أي حاكم قيم على النظام والقانون الإسلامي، حاكم يمنع الظلم والتجاوز والتعدي على حقوق الآخرين، ويكون أميناً وحارساً لخلق الله، وهادياً للناس إلى التعاليم والعقائد والأحكام والنُظم الإسلامية، ويقف أمام البدع التي يضعها الاعداء والملحدون في الدين وفي القوانين والنظم. أولم تكن خلافة أمير المؤمنين (ع) لأجل هذا الأمر؟ فتلك العلل والضرورات التي جعلته (ع) حاكماً لا تزال موجودة هذه الأيام أيضاً، مع فارق أنه الآن لا يوجد شخص معين، وإنما صار المنصوب هو العنوان وذلك ليبقى محفوظاً إلى الأبد.
حكومة الإسلام هي حكومة القانون. وفي هذا النمط من الحكومة تنحصر الحاكمية بالله والقانون ـ الذي هو أمر الله وحكمه ـ فقانون الإسلام أو أمر الله له تسلط كامل على جميع الأفراد وعلى الدولة الإسلامية. فالجميع بدءاً من الرسول الأكرم (ص) ومروراً بخلفائه وسائر الناس تابعون للقانون ـ وإلى الأبد ـ لنفس ذلك القانون النازل من عند الله، والمبلَّغ بلسان القرآن والنبي (ص). إذا كان النبي (ص) قد تولى الخلافة، فقد كان ذلك بأمر من الله، إذ أن الله تعالى هو الذي جعله (ص) خليفة. خليفة الله في الارض لا أنه قام بتشكيل الحكومة من نفسه وأراد أن يكون رئيساً على المسلمين. كما انه حيث كان يحتمل حصول الخلاف بين الأمة بعد رحيله ـ إذ كانوا حديثي عهد بالإسلام والايمان ـ فقد الزم الله تعالى الرسول (ص) بأن يقف فوراً وسط الصحراء ليبلّغ أمر الخلافة"
على الشعوب الإسلامية التي تعيش أنواع الازما ت ان تعمل بحرص على تطبيق وصية الإمام رضوان الله عليه لتحقق النجاة من ازماتها السياسية والاقتصادية وتحقق نموها وازدهارها وهذه هي وصيته .
"وهنا أوصي الشعوب الشريفة المظلومة والشعب الإيراني المجيد أن يقفوا بحزم واستقامة والتزام وثبات على هذا الصراط الإلهي المستقيم، الذي مَنّ الله به عليهم، المُصان من الارتباط بالشرق الملحد، أو الغرب الظالم الكافر، وان لا يغفلوا لحظة واحدة عن التضرّع بالشكر على هذه النعمة. كما أوصيهم بعدم السماح لعملاء القوى الكبرى القذرين ـ سواءٌ في ذلك الأجانب أو المحليين الذين يفوقون أولئك سوءاً ـ بإحداث أي تضعضع في نواياهم الرشيدة وإراداتهم الحديدية. وليعلموا ان تصاعد وتيرة الصخب الإعلامي لأجهزة الإعلام العالمية والقوى الشيطانية في الغرب والشرق إنما يشير الى قدرتهم الإلهية. جزاهم الله تعالى خيراً في الدنيا والآخرة، انه ولي النعم وبيده ملكوت كل شيء.
كما ألتمس من الشعوب الإسلامية، بمنتهى التواضع والإلحاح، اتّباعَ الأئمة الأطهار ـ قادة البشرية العظماء ـ والمبالغة في التزام نهجهم السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري وبأنسب الأشكال، باذلين النفوس والأعزاء في هذا السبيل. ومن جملة ذلك عدم الخروج ـ قيد أنملة ـ عن الفقه التقليدي الذي يمثل هوية مدرسة الرسالة والإمامة، والضامن لترشيد الشعوب وإعزازها، سواءٌ في ذلك الأحكام الأولية أم الأحكام الثانوية، فكلاهما مدرسة للفقه الإسلامي، مركزاً على عدم الإصغاء للوسواسين الخناسين المارقين عن الحق والدين… وليتأكدوا أنَّ أية خطوة منحرفة ستعني الإيذان بالقضاء على الدين والأحكام الإسلامية وحكومة العدل الإلهي.
ينبغي أن أذكّر هنا بأنّ وصيتي السياسية الإلهية ليست موجهة للشعب الإيراني المجيد فحسب، وإنما هي تذكرة لجميع الشعوب الإسلامية والمظلومين في العالم على اختلاف قومياتهم ومذاهبهم."
الخلاصة: تجربة الثورة الإسلامية التي قادها الإمام الخميني (قده) ونتائجها العملية أثبتت للعالم الخروج من أزماتها والوصول بها إلى ما هي عليه الآن من تقدم في كثير من الميادين ولتكن عبرة و قدوة لأمم إسلامية تريد تحقيق هذا الكسب السياسي والاقتصادي الذي يمر حتما بالرجوع إلى أصول الدين والشريعة.