نداء إذاعي- تلفزيوني للامام الخميني (قدس سره)للشعب الايراني بمناسبة حلول السنة الجديدة
التاريخ 1 فروردين 1362 ه-. ش/ 6 جمادى الثانية 1403 ه-. ق
المكان: طهران، جماران
المناسبة: عيد النيروز
بسم الله الرحمن الرحيم
أسأل الله تعالى أن تكون السنة الجديدة مباركة على جميع المسلمين في العالم والمسلمين في ايران لا سيما الشرائح المجاهدة واسر الشهداء والمصابين والمعاقين، وقوات التعبئة وجميع القوات المسلحة من الجيش والحرس الثوري. وأرجو أن تكون سنة مباركة- إن شاء الله- على الشعب الايراني وحافلة بالانتصارات. وآمل أن يقدّر الله تعالى النصر للشعوب المظلومة وللمسلمين جميعاً في هذه السنة، وأن ندرك جميعاً قيمة هذه النعم التي منّ الله تبارك وتعالى بها علينا وعلى الشعب الايراني العزيز ونعمل على شكرها ..
لقد منّ الله تعالى على العالم بنعم كثيرة لا تحصى، ولكن (أما بنعمة ربّك فحدّث) «1» إلى الحد الذي نقدر عليه. ومن ألطاف الله تبارك وتعالى الكثيرة على شعبنا، انقاذه من ذلك الانحطاط الثقافي والأخلاقي والسمو به في مدارج الأخلاق والثقافة، وتحقيق الانتصارات تلو الانتصارات في جبهات القتال، والأسمى من كل ذلك الانتصار على النفس الذي تحقق لشبابنا في شرائح كثيرة. وآمل أن يتحقق لنا جميعاً المزيد من هذا النصر المعنوي والتحكم بالنفس ودحر شيطانها. فنحن اليوم غارقون في النعم الإلهية وليس بوسعنا شكر كل هذه النعم إلّا بصورة إجمالية .. لقد أنعم الله تبارك وتعالى على شبابنا وعلى نسائنا بأن أنقذنا من ذلك المستنقع الذي أوجدوه لهم. وإن الشباب الذين كادوا يضيعون من يد الاسلام ومن يد المسلمين، أعادهم الله تعالى إلينا وجعلهم على درجة من الايمان والالتزام بحيث أخذوا يتطوعون اليوم للشهادة حيث تتعالى أصواتهم بالتكبير في جبهات القتال وهم يقاتلون عدوهم، ويحيون الليل بالصلاة والتهجد يناجون ربهم .. فكل هذا من النعم التي ينبغي أن نشكر الله تعالى عليها.
لقد أنقذ الله النساء مما كان يخطط لهن ومما كان يروج له الاستكبار وعبيده. وها هي نساؤنا اليوم غارقات في نعم الله تعالى التي لا تحصى. وأسأل الله تبارك وتعالى أن يمن بالقوة على هذا الشعب المظلوم وأن يتمكن من القضاء على أعدائه، حيث يعادينا العالم كله ما عدا عدة قليلة، وكل ذلك لأننا ندعو لحاكمية الاسلام. وأسأله تعالى أن يجعل هذا اليوم السعيد مباركاً للجميع.
وما أود التذكير به هو ان الانسان إذا ما نظر إلى الأعياد التي سنّها الاسلام يجدها كلها ذكراً ودعاء وصلاة وصياماً. وفي هذا العيد أيضاً الذي هو عيد وطني وغير إسلامي ولكن الاسلام لا يعارضه، نرى- حسبما ورد في الحديث- ان من آدابه الصيام. من آداب هذا اليوم الدعاء والصلاة. ومثل هذا يوضح لنا بأنه إذا ما أراد شعبنا أن يسلك طريقاً صحيحاً وأراد أن يصون حريته واستقلاله، عليه أن يذكر الله تعالى في عيده وغير عيده. حتى في الأعياد هناك دعوة إلى الصيام، دعوة استحبابية. الصيام الذي ينبغي أن يبعد الانسان عن شهواته ويقربه إلى الله تبارك وتعالى. وكل هذا يدلنا على اننا في كل خطوة نخطوها على طريق النصر، وكل قدم نقدّمها من أجل إعمار بلدنا، علينا أن نقدّم عدة أقدام أخرى على طريق بناء أنفسنا، من أجل الانتصار على أنفسنا، من أجل الانتصار على شيطاننا الباطني.
أسأل الله تبارك وتعالى أن يفيض برحمته على هذا الشعب وعلى شبابنا الأعزاء، وعلى شهدائنا وكافة المعاقين، وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم بفضله ومنّه وكرمه.
والسلام عليكم ورحمة الله
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج17، ص: 299