أوّل حوار صحفي للامام الخميني (قدس سره)مع مراسلي الإذاعة والتلفزيون الفرنسيين (نشر الحوار في صحيفة فيغارو)
بتاريخ 23 شهريور 1357 ه-. ش/ 11 شوال 1398 ه-. ق، في النجف الأشرف حول قضايا ايران والعالم
لدى انطلاقة الحركات التاريخية العظيمة تحظى الحوادث والحركات الصغيرة أحياناً بآثار ودلالات كبيرة، وتصير سبباً لسرعة الأمور وتناميها، وقضية ارتفاع الموانع عن مقابلات الإمام وانتشارها من هذا القبيل.
وفي هذا السياق حظيت مقابلة الإمام الصحفية الثانية في النجف وانتشارها في باريس بقصّة جرى إيجازها على لسان السيد أحمد الخميني بهذه الصورة:
بعد مقابلة صحيفة لوموند لسماحة الامام تكرّر الاتصال من الصحف والمجلّات وإذاعات البلدان المختلفة وتلفزيوناتها، يطلبون مقابلة سماحته. والطلبات الكثيرة لمقابلة الإمام تُبيِّن مدى تعطش الرأي العام السياسي العالمي لمعرفة أوضاع ايران والأبعاد الفكرية لسماحته. وكان حديثه لصحيفة لوموند قاطعاً واضحاً أثار شكوكاً كثيرة في حقيقة ما يجري في ايران التي كانوا يطلقون عليها اسم (الجزيرة الآمنة)
فالجميع كان يتطلع أن يعرف كيف يتسنَّى للإمام الراضي بحجرة لا تزيد أبعادها على 2* 3 متر أن يتحدّث بانفجار عظيم، ويبشّر بانطلاقة الثورة الاسلامية.
على صعيد آخر، انتاب الرعب ايران والعراق أكثر من بقية دول المنطقة الأخرى، ذلك أن الامام كان يقود التحرك في ايران من العراق، وقد أعلن العراقيون رسمياً بأنه لا يحق للإمام إجراء مقابلة تلفزيونية أو حوار صحفي، وإذا أراد أحد إجراء مقابلة لسماحته، فيجب عليه إطلاعهم على ذلك. في خضم هذه الضغوط وافقنا على طلب الإذاعة والتلفزيون الفرنسي إجراء مقابلة لسماحته، وقبل مجيء المراسلين الفرنسيين الى العراق تم إطلاع أجهزة الأمن العراقية على ذلك، فبذلت كلَّ ما بوسعها للحيلولة دون إجراء هذه المقابلة، وكنت قد اطلعت أصدقائي الأعزاء على الأمر، وقررنا أن نتصرّف بنحو لا ندع فيه فرصة لهم لتحقيق ما يتطلعون اليه.
فرض رجال الأمن العراقي حراسة مشددة على الشارع الذي يقود الى منزل الامام، والزقاق الذي يقع فيه المنزل. طلبنا من المراسلين بلسان أحد المثقفين أن يسلكوا لدى مجيئهم طريقاً بعيداً عن مراقبة رجال الأمن العراقي، وقد اتفقنا أن نلتقيهم في زقاق ناء هو من أكثر أزقة النجف تطرّفاً وبعداً، ومن هناك يؤخذون الى منزل الإمام من مدخل آخر كان بعيداً عن الأنظار الى حد ما، وكانوا قد تركوا معداتهم وأجهزة التصوير في الشارع الرئيس لتُحمل الى المنزل نظراً لوزنها الثقيل ..
بعدما وصلت المعدات وأجهزة التصوير الى المنزل، وتنبه رجال الأمن العراقي ا لى حقيقة ما جرى، لم يمض وقت طويل حتى رنّ جرس المنزل، ودخل عدد من ازلام السلطة، وحاولوا منع إجراء المقابلة، غير أني سارعت الى إقفال باب المنزل بعد دخولهم، وحينها أدركوا أنه ليس بوسعهم أن يفعلوا شيئاً، فحاولوا الخروج إلّا أني لم أسمح لهم. وبعد انتهاء المقابلة وذهاب المراسلين فتحت الباب، وخرج هؤلاء من المنزل، أو قل من سجنهم، مسرعين، وعلمنا فيما بعد أنه قد تم اعتقال المراسلين في بغداد، غير أنهم استطاعوا تهريب الأشرطة بنحو ما.
وتبعاً لذلك اتّسم تعامل الحكومة العراقية ومسؤولي أجهزة الأمن، مع الإمام بالعنف والخشونة، ولم يمض وقت طويل حتّى قرر الإمام التوجّه الى الكويت ومن ثم السفر الى فرنسا. منعت الحكومة الفرنسية إذاعة مقابلة الإمام، ولم تسمح لأحد بإجراء حوار معه، وكنّا نترقّب إذاعة تلك المقابلة حتّى رأيناها منشورةً في صحيفة فيغارو، وعلمت فيما بعد أن الصحيفة اشترت حق نشر المقابلة من مؤسسة الإذاعة والتلفزيون بخمسمائة ألف تومان.
إذاعة مقابلات الإمام ونشر حواراته كان لها حكاية ممتعة سبق لي أن ذكرتها، إذ كانت المقابلات تجرى بصورة نقاش ومداولات، أي: أنها لم تكن بصيغة سؤال وجواب. بل كان يأتي رئيس تحرير لوموند على سبيل المثال، ويتحدّث الى سماحة الإمام، ثم يقوم بنشر ما دار بينه وبين الإمام، وبذلك لا يسع أحداً أن يعترض عليه، لأن الحكومة الفرنسية ليس من حقها الاعتراض على نشر الموضوعات. واستمر الأمر بهذا النحو، حتى بات الرأي العام الفرنسي في وضع اضطرت الحكومة الفرنسية للسماح بنشر المقابلات.
سؤال: ما هو مفهومكم للحكومة الاسلامية؟ هل تعني أن يتولّى الزعماء الدينيون إدارة الحكومة بأنفسهم؟ ما هي مراحل هذه الحكومة؟
الإمام: لا. نحن لا نتطلّع الى أن يتولى الزعماء الدينيون إدارة الحكومة بأنفسهم، ولكنهم يتولّون قيادة الجماهير لتحقيق الأهداف الاسلامية، ونظراً الى أن الأكثرية العظمى من الشعب مسلمون، ستحظى الحكومة الاسلامية بدعمهم والاعتماد عليهم.
ففي المرحلة الأولى يتمثل الهدف في تحقيق استقلال البلد وقطع الأيدي الأجنبية والتخلص من السلطة الخارجية والداخلية المرتكزة على الخارج، والتخلّص من كلِّ نوع من الهيمنة السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية، وازاحة الاستعمار والناهبين- مهما كانوا- وتخصيص إمكانات البلد وثرواته بالشعب المحروم المعذّب الغارق في الفقر والمرض، والذي عانى البؤس والحرمان طوال قرون خاصة القرن الحاضر، على يد الأنظمة المنحرفة، وقد قضت الانظمة الفاسدة على جميع طاقاته وثرواته، وأغدقتها في جيوب الأجانب وعملائهم ممن كانوا في خدمتهم داخل البلاد.
وفي المرحلة الثانية نعمل على تصفية الوزارات والدوائر والمؤسّسات الحكومية والوطنية بالكامل من الخونة والانتهازيين والطفيليين، وإناطة ادارة الأمور بالخبراء والوطنيين الامناء المخلصين.
وكذلك التخلص من المراكز والدوائر الزائدة التي لا تنجز عملًا مفيداً للبلاد، وقد وُجِدت أساساً لتحقيق منافع ومصالح غير المؤهَّلين فحسب. وكذلك التخلص من النفقات الإضافية والبذخ الذي أوجد عجزاً في ميزانية الدولة. ومن ثم تأتي المراحل الاخرى التي تهدف الى إصلاح كل شيء بالتدريج، وقبل كل شيء ومن أجل تحقيق هذه المراحل وتشكيل الحكومة الاسلامية، لابدّ لنا من إزالة هذه العقبة الكأداء الممثلة في الأسرة البهلوية من طريق الشعب، فمع وجود الشاه وأقاربه لا يمكن إجراء إصلاح ما.
سؤال: إلى متى تنوون مواصلة النضال؟
الإمام: إلى أن نتمكن من تحقيق الأهداف الاسلامية والإنسانية، فالشعب يشعر بأنهم ينوون القضاء عليه، ويرى الاسلام والبلد الاسلامي يقف على حافة الهاوية، ولم يعد يطيق ممارسات النظام الشاهنشاهي التي تقود الاسلام والبلاد إلى الفناء، وإن علماء الدين والسياسيين والمثقفين يدعون الشعب دائماً للتصدي للفساد والانحراف. وإن أبناء الشعب بدعم من علماء الدين والساسة والمثقفين لن يتخلّوا عن نهضتهم الاسلامية ما لم تقطع أيدي الأجانب، ويوضع حدّ لأطماع الطفيليين وأكلة السحت.
سؤال: كيف تفسِّرون نزول الشعب الايراني بأسره الى الشوارع بمجرد اشارة منكم؟
الإمام: الشعب ينظر إلينا أننا خَدَمَة الاسلام والبلاد، وأن القضايا التي نطرحها هي من صلب معاناة الشعب على مدى سنوات طويلة، ومن هنا نتحدث بمطالب الشعب.
من جهة أخرى كل ما شهده الشعب من الشاه وحكومته يتعارض مع مصالح الاسلام والبلاد. والتظاهرات والمسيرات غير المسبوقة التي انطلقت في الأشهر الأخيرة بناءً على دعوتنا، هي تظاهرات وطنية وإسلامية شارك فيها جميع فئات الشعب، وكانت في الحقيقة بمنزلة استفتاء على النظام الذي اضطر الى اعتبارها غير قانونية.
سؤال: كيف تنظرون الى شائعة رحيل الشاه وإحلال ابنه محلَّه؟
الإمام: نظراً إلى ان رحيل الشاه واجتثاث جذور الأُسرة البهلوية يمثل مطلب جميع فئات الشعب، فلا مفر من أن تبلغ شائعة رحيل الشاه ذروتها. ولو لم تكن يد الأجنبي الظالم وراء ذلك للإبقاء عليه، لوجدت هذه الشائعة طريقها إلى الواقع سريعاً. ووجهة نظرنا ووجهة نظر الجماهير واحدة، وينبغي لكل مسلم أن يتفق معنا فيما نسعى إليه، ألا وهو التخلص من الأُسرة البهلوية والقضاء على الشاه وأبنائه، وكلّ من يقول خلاف ذلك خائن للاسلام والمسلمين، وخائن للبلد.
سؤال: كيف تنظرون الى تصريحات السيّد أميني حينما تحدث الى مراسل صحيفة لوموند قائلًا: لو أصبحت رئيساً للوزراء، سأطلب إمهالي بعض الوقت لإخراج البلاد من أزمتها؟
الإمام: مَن يمتلك صلاحية اخراج ايران من أزمتها هو الذي يتمتع بشعبية في أوساط الجماهير. ومن لا يتوفر على ذلك، فليس بوسعه أن يكون موفقاً.
سؤال: ما هي شروطكم للقبول بذلك؟
الإمام: ليست هناك شروط مع وجود الشاه والنظام البهلوي، فإمهال الشاه وإطلاق أيدي الناهبين من أركان النظام ليس أكثر من إغفال الشعب، ولن نقبل ولن يقبل الشعب اقتراحاً مع وجود الشاه والنظام. ليس بوسع هذه الأسرة تحقيق الحرية والاستقلال أُمهِلت، أو لم تمهل، والنصر سيكون ممكناً متى قطعت يد الأجنبي وأولئك الذين يقدمون الدعم له وفي مقدمتهم الشاه.
سؤال: لماذا أعلن كارتر الذي يعرّف نفسه للعالم أنه بطل الدفاع عن حقوق الانسان دعمه للشاه بعد مذبحة طهران؟ وكيف تقوّمون الدور الأمريكي في ايران؟
الإمام: مزاعم مناصرة الانسانية والدفاع عن حقوق الانسان يُطلقها مَنْ هم من المنتهكين لحقوق الانسان، والبطل في هذا المجال هو من يكون انتهاكه واعتداؤه أكثر من الآخرين. ومثل هذا البطل يتمثل في عصرنا الحاضر بشخص كارتر. كنّا جميعاً قد شهدنا المذابح الجماعية العامة التي تكررت في الكثير من المدن الايرانية، وتمت على يد الشاه، وقد شهدت طهران مؤخراً مذابح جماعية على نطاق واسع على يد الشاه. حيث زاد عدد القتلى- حسبما ذكر- على الأربعة الاف قتيل. السيد كارتر الذي أثار ضجّة كبرى من أجل سجين في الاتحاد السوفيتي لم يتوان عن تقديم دعمه للشاه بعد ارتكابه لكل هذه المذابح المتتابعة.
كما أعرب الرئيس الصيني عن دعمه للشاه- الذي لم يتمكّن من النزول به الى الشوارع خشية انتفاضة الشعب- المنفذ لكل هذه المذابح في ايران. كما فعل زعماء الكرملين الشيء نفسه.
وأميركا وسائر الدول الاستعمارية لا هدف لها سوى الإبقاء على تخلف الدول الضعيفة في مختلف المجالات الثقافية والسياسية والعسكرية. وابتغاء السيطرة على ثرواتنا وثروات سائر الدول المتخلفة لا يسعهم إلّا أن يكونوا مصدراً لممارسة المزيد من الضغط علينا في مختلف المجالات.
سؤال: بالالتفات الى الوضع الاقتصادي والاجتماعي الايراني الراهن والأخذ بنظر الاعتبار نفاد الاحتياطي النفطي في المستقبل وتبعية البلد في مجال المواد الغذائية، كيف ترون السبيل لحل الازمة الايرانية؟
الإمام: إذا قطعت أيدي ناهبي النفط والطفيليين الأجانب والمحلّيين عن المستودعات النفطية، وبيعَ النفط بأسعار معقولة، لن نحرم احتياطي النفط في المستقبل القريب، فالتبذير المفرط الذي يمارسه الشاه في بيع النفط، والإسراف الذي يمارسه بشراء المعدّات المعطوبة يُهدّدان بخطر نفاد الاحتياطي النفطي. ونحن بإقامة الحكومة الوطنية الاسلامية وإحلال الوطنيين المؤمنين محلّ الخونة المبذّرين لدينا حلول معقولة للتخلّص من الأزمة، منها:
أولًا: التخلص من ناهبي بيت المال وفي مقدمتهم الشاه الذي ألحق بالاقتصاد الايرانيّ بإصدار صكوك بملايين الدولارات للسفراء والمتنفِّذين الأمريكيين من بيت المال إبقاءً على عرشه.
ثانياً: وضع حد لإجحاف وخيانة كبار المسؤولين من وزراء ومعاونين ومديرين ورؤساء الدوائر المهمة.
ثالثاً: إلغاء الكثير من الدوائر الحكومية التي لا جدوى منها سوى تأخير معاملات الناس وفرض نفقات إضافية على بيت المال.
رابعاً: توظيف سليم للطاقات الزراعية تحقيقاً لزراعة مجدية تم القضاء عليها خلال سنوات من ثورة الشاه الأمريكية، وأسقطوا ايران من موقعها الزراعي، وحولوها الى سوق للاجانب.
إضافة الى كل ذلك ثمة أمور أُخرى يقترحها المختصون الأمناء، ومما لا شكَّ فيه أننا بهذا النحو نقضي على الأزمة، ونجتث جذورها، وكنت قد أشرت الى ذلك لدى ترسيم أبعاد الحكومة الاسلامية.
سؤال: الصحافة الغربية تظهر للعالم أن الغالبية من الشيعة هم أُناس متحجرون ومعارضون للرقي، وعلى سبيل المثال: مكانة المرأة بارتدائها الشادور، مهاجمة السينمات والمصارف، بمَ تردُّون ذلك؟
الإمام: يفرض نظام الشاه بإنفاق الأموال الطائلة هيمنته على عدد من الصحف ووسائل الإعلام الغربية، ولحرف أنظار الغرب عن قضايا ايران الأصلية ومن اهمها قضية رحيل الشاه وأعوانه الظلمة وقطع أيدي الأجانب لجأ الى شنّ حملات دعائية لا تمت للحقيقة بصلة.
فالشاه هو الذي صادر حرية أبناء الشعب سواء الرجل أو المرأة، وكتم أنفاسهم، ولم يسمح لأحد بالكلام، ومن أجل جرّ شبابنا الى الفساد أخذ الشاهُ يروّج للبرامج الاستعمارية في السينمات، ويعمل على انحراف أبنائنا وبناتنا أخلاقياً وإبعادهم عن التفكير بالوضع المأساوي للبلاد. الشاه هو الذي حوّل السينما الى مركز للفحشاء وتربية أشباه الرجال غير دارين بأنفسهم ويجهلون الأوضاع المتردية لبلدهم. فالشعب المسلم يرى هذه المراكز معارضة لمصالح البلد، ويُقدِمُ على إغلاقها دون الحاجة الى إيعاز من علماء الدين.
وعملاء الشاه هم الذين دبّروا حادثة سينما آبادان بطبيعة الحال، كي يستغلها إعلام الشاه لبث الرعب والذعر الذي زعم الشاه أن معارضيه وعدوا بذلك، ولتحقيق نواياهم السيئة أقدموا بكل وحشية على إحراق نحو اربعمائة نسمة وتفحيمهم. وأسوأ من السينمات وضع المصارف المؤثّر في إفلاس البلاد وتخلّفه، فالشعب يراها تُخرِّب، وتعمل على تدمير اقتصاد البلد، وهي بذلك تستحق أن تُضرم النار فيها. إن الشاه هو الذي صرّح- حسبما نقل- في حديثه للصحفي الإيطالي قائلًا: (إنّ فهمي للمرأة هو أنه ينبغي لها أن تبقى جميلة وساحرة)
إنّ الشاه هو الذي يجرّ النساء للفساد، ويريد أن يجعل منهن ليس أكثر من دُمى، والدين يعارض هذا الواقع المأساوي لا حرية المرأة، وقد برهنت مشاركة النساء في الاستفتاء الاخير على مدى تفاهة مزاعم الشاه الفارغة للجميع. النساء انتفضن للوقوف على قدم المساواة مع الرجال، وطالبن بحريتهن واستقلالهن، وأَدَنَّ الشاه، وكما هو معروف قُتل في (الجمعة السوداء) نحو ستمائة امرأة من نسائنا الحرات على ايدي عملاء الشاه. هذا هو فهم الشاه لحرية المرأة والتطور الحضاري.
سؤال: ما هي طبيعة العلاقة التي تتطلعون الى إقامتها مع الغرب، ولا سيّما فرنسا، مع الأخذ بنظر الاعتبار الدور الذي مارسته هذه الدول في علاقتها مع النظام الايراني؟
الإمام: نتطلع لأن تعترف هذه الدول رسمياً بحقنا في الرقي والازدهار الحقيقي، ولتعلم أنّ اللجوء الى القوة للحيلولة دون تقدم شعوب إفريقية وآسيا وأميركا اللاتينية سيترك آثاره- عاجلًا أم آجلًا- في تدمير أوضاعهم أيضاً.
وفي اعتقادي أنّه ليس بوسع الغرب أن يحقق نجاحه على حساب فناء الشعوب الأخرى، ونحن ندعو كافة الشعوب الحرَّة والعظيمة لمساعدتنا في قطع أيدي الغرب والشرق والتخلص من الناهبين الدوليين الذين يسعون للاستيلاء على ثرواتنا بالقوة.
سؤال: كيف تنظرون الى المصطلح الذي ابتدعه الشاه ألا وهو الماركسية الاسلامية؟
الإمام: يهدف هذا المصطلح خارج ايران إلى اضفاء المشروعية على سلطة الشاه الغاشمة لدى اميركا. ويتطلع في الداخل إلى إظهار الحقائق لأبناء الشعب مقلوبةً والتملّص من المذابح الجماعية التي يرتكبها الجنود السذّج، فالشاه يعتقد أنّ بإمكانه فتح النيران على الجماهير بكل برودة أعصاب. وإلّا فان الاسلام نظام متكامل، وان نضال أبناء شعبنا اسلامي مائة في المائة.
سؤال: ما هو الموقف الذي تنوون اتّخاذه حيال تصريحات الشاه التي أعلنها قبل الأحداث الأخيرة مشيراً الى أنّه سيعمل على إجراء انتخابات حرة ونزيهة؟ ومَنْ هم المرشّحون الذين سيحضون بدعمكم؟
الإمام: لو كان الشاه يقبل الانتخابات الحرة، لقبل مطالب أهالي طهران والتجمعات الكبرى لبقية مدن البلاد التي تدعو إلى تخلِّيه عن السلطة وإقامة الحكومة الاسلامية وتحقيق الاستقلال والحرية. أي لأَعلن عدم قانونية سلطته وأُسرته، بيد أنّه ترجم انتخاباته الحرّة في (الجمعة السوداء). فهل بوسع مثل هذه الحكومة أن يكون لديها انتخابات حرّة حقاً؟ وإذا كان الغرب صادقاً في مزاعمه، ويناصر الرقي حقاً، فان اسمى مظاهر تكامل الانسان تتجلَّى في التعبير عن رأيه بكل حرية.
إن الشعب الايراني المسلم أدلى برأيه بعدم ثقته بالشاه بحضور مراسلي وكالات الانباء العالمية. فاذا كان الغرب يدّعي حقاً الدفاع عن حقوق الإنسان، فليدافع عن الشعب الايراني بسحب اعترافه الرسمي بحكومة الشاه، ويرفض حكومة مَنْ يلجأ الى ارتكاب المذابح بين مدَّة وأخرى للبقاء في السلطة.
سؤال: إنّكم تدعون الرأي العام العالمي لدعم نضال الشعب الايراني .. ما الذي تتوقَّعونه من شعوب الدول الغربية، ففيما عدا الأنظمة هناك شعوب أيضاً؟
الإمام: ما نتوقعه من الرأي العام الغربي هو الدفاع عن نضال الشعب الايراني الحق، وأن يدعو صحافته ووسائل إعلامه إلى السماح لمعارضي النظام الشاهنشاهي بالتعبير عن آرائهم والدفاع عن أنفسهم، وأن يسألوا حكوماتهم: أنتم الذين تناصرون سياسة الرقي والازدهار، لماذا تتحرجون من نقل مطالب معارضي النظام الايراني، وتحرصون على نقلها مبهمةً وغامضةً ومقتضبةً. وفي المقابل لا تتوانون عن تقديم الدعم والتأييد للموضوعات التي يتحدَّث بها النظام الايراني؟ ألا يتنافى ذلك والحرية التي تؤمنون بها؟
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج3، ص: 396-401