الثورة الاسلامية التي تحدت نظام قطبين، لم تكن موافقة حسب مباني اعتقادها واهدافها، لقيام ذي قطب واحد، شريك فيما ارتكبه النظام السابق من ظلم وجور، خاصة وان اساس الظلم لازال متواجداً في النظام الاحادي القطب.. ويفرض على العالم نفس المنظومة السابقة للتفرقة بقدرة اكثر هذه المرة.
ان الثورة الاسلامية، في الوقت الذي ترفض فيه النظام الاُحادي المذكور المعترف به من قبل امريكا، لايمكنها ان تتقبل ايضاً نظام موازنة القوى ونظام التعددية المحدود.. على ان تقوم عدة دول معلومة، كالتي تتمتع بحق النقض (الفيتو) في مجلس الامن في الامم المتحدة، بتقرير مصير كل العالم!
بالنظر لما قيل اعلاه، يتبادر الى الاذهان هذا السؤال: ايُّ نظام عالمي تعترف به و تؤيده الثورة الاسلامية؟
ما تعترف به الثورة هو نظام عادل، يتقبل (بمسؤولية) الحكم امام الشعوب وحقوق الافراد بمساواة بعضهم البعض. فالثورة الاسلامية التي تعتقد بضرورة استقرار العدالة في العلاقات الدولية، المساواة بين الناس، وحق سيادة الشعوب.. تبحث عن نظام يستطيع تحقيق ما تصبو اليه، حيث يؤدي ذلك الى ان الثورة الاسلامية تتعارض مع كافة الانظمة التي تفتقر الى المعايير المذكورة اعلاه، حسب نوع وميزان البعد والقرب بالنسبة لتلك المعايير مما يشكل هذا الموضوع ميّزة خاصة (للثورة الاسلامية) في الفترة الراهنة.
حالياً، تطغى على العالم ظروف معقدة.. حيث يبدو درك ماهية الصراعات الموجودة في العالم.. صعباً! فبعض الصراعات ذات تيار داخلي وبعضها اقليمي والبعض الأخر دولي، ويتواجد فيها عدة لاعبين متصارعين! لكنه، تكوّن خلق جميع هذه (الصراعات) ازمة عامة ترتبط بكل النظام العالمي وتشكل تحدّ جارٍ لتعيين حدود، هيكل وقواعد اللعبة في النظام العالمي، بديل النظام الثنائي (ذي القطبين). ان الثورة الاسلامية التي تعتبر، الاستقلال والحرية و التنمية الوطنية، اهدافاً رئيسية للبلاد، لايمكنها الوقوف مكتوفة الايدي بالنسبة لماهية النظام الدولي.
اليوم، يعترف جميع المطّلعين السياسيين و ذوي الخبرة في العلاقات العالمية، انه، لايمكن لأي بلد تحقيق اهدافه الوطنية، دون الالتفات الى النظام العالمي.. فهذا النظام يقوم بدور مصيري في نيل الدول لاهدافها، لذا، في هذا الحقل، وبدون شك، ان الاستقلال، الحرية، والتنمية الوطنية في البلاد، مرهونة بوجود نظام عالمي عادل.. لايفرض قواعد التفرقة العنصرية على المجتمع الانساني.. ويكون، في الواقع، حافظاً لحقوق وحاكمية متساوية للدول والشعوب. فهذا مبحث علمي ومهني خاص، من الضرورة وضعه اكثر فاكثر نصب العين من قبل ارباب الرأي والنظر.
* من مقالة تحت عنوان "الثورة الاسلامية والنظام الدولي" للدكتور السيد رسول الموسوي.
صحيفة (همشهري- الدبلوماسية)- عدد 84- 4/11/1384 هـ.ش
القسم العربي – مؤسسة تنظيم ونشر آثار الامام الخميني