-الغاية من الحج:
جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاس (المائدة 97)
التحية لحجاج بيت الله الحرام، والسلام على كافة المسلمين في العالم وعلى المسلمين الملتزمين الذين توجهوا نحو الحق ووفدوا على بيت الله الحرام. تمتاز فريضة الحج من بين الفرائض الاسلاميةالأخري بميزات خاصة ويمكن القول بأن أبعادها السياسية والاجتماعيةتغلب سائر أبعادها وذلك بالاضافة إلى تميّز الجانب العبادي فيها.
على المسلمين الملتزمين الذين يجتمعون في هذا المجتمع العام والمؤسسة الإلهية والمواقف الشريفة مرة كل عام دون النظر إلى امتيازاتهم أو ألوانهم أو لغاتهم أو بلادهم أو منطقتهم في زي واحدٍ حيث يأتون في أبسط حالة ودون أدني تكلف مادي ويركزون على الجانب المعنوي وافدين على الله، لكي يؤدوا واجباتهم وتقاليدهم الإسلاميه، ألا يُغفلوا الجوانب السياسية والإجتماعية للحج. وعلى العلماء الأعلام والخطباء العظام أن ينبهوا المسلمين على الجوانب السياسيةو على واجباتهم الخطيرة. لو تنبّه المسلمون في العالم إلى بعض هذه الواجبات الخطيره وعملوا بها لاستعادوا العزة التي جعلها الله للمومنين ولأمكنهم الوصول إلى المجد الإسلامي والالهي الذي يستحقونه ولتمتعوا بالاستقلال والحرية الحقيقيه في ظل الإسلام الغالي وتحت لواء التوحيد وبيرق لا إله الّا الله، لِيستعيدوا المجد والعظمة الأسلامية بقطع أيدي المستكبرين وعملائهم من البلاد الإسلامية.
لقد ذكر الله تعالي في الآيةالآنفة الذكر أن السر في الحج والدافع له والغايةمن جعل الكعبة البيت الحرام، هو نهضة المسلمين وقيامهم لمصالح الناس والشعوب المستضعفة في العالم.
على المسلمين أن يقوموا بدراسة المشاكل العامةللمسلمين والسعي لإزالتها من خلال المشورة العامةفي هذا الاجتماع الالهي العظيم الذي لا يمكن لأحدٍ أن يُعدّه إلّا القوة الأزليةالالهية.
- اهمية الاتحاد بين المسلمين:
و إنّ أحد اكبر هذه المشاكل وأهمها على الاطلاق هو عدم الاتحاد بين المسلمين الذي سببه بعض من يسمّون بقادة الدول الإسلامية ولم تبذل جهود ملحوظة إلى اليوم لحلّها. بل إن المجرمين الاستغلاليين الذين يستغلون خلافات الشعوب والحكومات لصالحهم يقومون بتوسيع دائرة هذه الخلافات من خلال عملائهم الغافلين عن الله. وكلّما يتم وضع أسس للوحدة بين المسلمين فإنهم يخالفونها بكل قواهم ويقومون بايجاد التفرقة والخلاف.
لقد أدركت اليوم جميع الدول وكثير من الشعوب المسلمة أن الشعب الإيراني الذي أدرك أن القرآن الكريم والإسلام العظيم في خطر قد ثار بعدمئات السنين من المصائب التي سببها له الملوك الظالمون المحترفون للظلم الذين جعلوا الإسلام الغالي وسيله للنهب والسلب على أيديهم وعلى أيدي القوى الكبرى وفي الآونة الأخيره اميركا المجرمة. وقد استبدلوا بالنظام غير الإسلامي وغير الشرعي الشاهنشاهي نظاماً اسلامياً قاطعين أيدي القوى الكبرى وبخاصة أميركا الناهبة للعالم عن السيطرة على أموالهم وأنفسهم على أمل أن يستفيد الاخوة المسلمون الرازحون تحت سيطرة الظالمين المصاصين للدماء من هذه الثورة. وأن تنضم الحكومات الإسلامية إلى الثورة الإسلامية الكبيرةفي إيران من خلال دعم شعوبها.
لقد أصبح بعض العملاء المخلصين للقوى الكبرى الغافلين عن الله، يمثلون أمريكا المجرمة وسائر القوى الناهبة، حيث يهاجمون هذا الشعب المظلوم من الداخل والخارج بأسلحتهم وبأشياء أسوأ من السلاح الناري ويريدون الإطاحة بالثورة الإسلاميةو الاجهاض على الإسلام الغالي ولا يتورعون عن الصاق أية تهمة أو افتراء إلى الشعب الذي لا يفكر إلّا بأحكام الإسلام والقرآن الكريم. وقاموا بقمع هذه الثورة الإسلامية بذرائع واهية، إن من يمتلك السلاح الناري من بينهم مثل صدام حسين يهاجمنا بهذا السلاح ومن لا يملكون هذا السلاح يهاجمون شعبنا المظلوم بأقلامهم السامة التي تفوق السلاح الناري في الإجرام- إن إيجاد الاختلاف بين المسلمين من الجرائم التي تنتفع بها القوى الكبرى وقدتم التخطيط لإيجاد هذه الخلافات بين المذاهب الإسلاميةعلى أيدي عملاء القوى الكبرى الغافلين عن الله ومن ضمنهم وعاظ السلاطين الذين هم أسوأ حالًا من سلاطين الجور أنفسهم حيث يوسعون كل يوم دائرته ويتشدقون به ويقدمون في كل مرحلة مشروعاً لإيجاد الخلاف بهدف تقويض وحدةالمسلمين من الأساس.
... ألا أيها المسلمون في العالم وأيها المستضعفون الرازحون تحت سيطرة الظالمين انهضوا واتحدوا معاً ودافعوا عن الإسلام وعن ما تملكونه ولا تهابوا ضجيج القوى الكبرى ولغطهاإذ أن هذا القرن سيكون قرن غلبة المستضعفين على المستكبرين وغلبةالحق على الباطل بمشيئة الله القادر.. .
-الهدف من اتهام ايران:
و قد ألصقوا أخيراً في أبواق دعايتهم تهمة فاضحة إلى ايران ألاوهي وجود العلاقةبين إيران واسرائيل وشراء الأسلحة منها. على أمل أن يفصلوا بين العرب والايرانيين وأن يخلقوا العداء بين المسلمين ليفتحوا الطريق أكثر فأكثر أمام القوى الكبرى وسيطرتها، ولكن هل يوجد إنسان مطلّع لايعرف مدي عداء إيران الشديد لإسرائيل وأن أحد أسباب الخلاف بيننا وبين شاه ايران المخلوع هو علاقاته الحميمة مع إسرائيل ومن يخفي عليه بأننا منذ عشرين عاماً ننادي في خطاباتنا ومنشوراتنا بأن إسرائيل مثل أمريكا في الظلم وامتداد لها في الاعتداءو النهب ونقوم بالتنديدبها.
و هل يخفي على أحد بأن شعبنا قام خلال الثورة الإسلامية وفي حماس المظاهرات المليونية باعتبار اسرائيل عدوة له مثل امريكا كما قام باغلاق أنابيب النفط في وجههما ووجّه غضبه نحوهما معاً. والعجب أن هذا الكلام المشؤوم أطلقته أمريكا الأم غير الشرعيه لاسرائيل كما أطلقه صدام الأخ الصغير لبيغين.
و قد حاولت أبواقهما الدعائية وبخاصةأمريكا نشر هذا الكلام بكل السبل إذ أن الضربة التي تلقياها من الإسلام الحقيقي لم يتلقها أحد وإن القلق الذي لديهما من وحدة الاخوة المسلمين العرب مع الإيرانيين لايوجد عند غيرهما. إن أمريكا قلقة على مصالحها في المنطقةو إن صداماً قلق على سقوطه وتحمل العار الأبدي. على المسلمين جميعاً وبخاصة على إخواننا العرب أن يدركوا أن المسألة ليست مسألة إيران وإسرائيل إن المسألة الأصليةلناهبي العالم الشرقيين والغربيين هي مسألةالإسلام الذي يستطيع لمّ شمل المسلمين في العالم تحت رأية التوحيد الباعثة على الفخر ليقطع أيدي المجرمين من البلاد الإسلامية ومن السيطرةعلى المستضعفين في العالم ويقدم للعالم مدرسةفكرية راقية إلهيه. على العالم العربي أن يدرك أن الضربة التي وجهها إليه السادات وصدام لهي ضربةموجعة لايمكن التعويض عنها إلا بالوحدة في صفوفه إن السادات اليوم قد أكمل خدماته لإسرائيل من خلال القبض على إخوتنا المسلمين في مصر. لقد سببت وحدته مع أمريكا وإسرائيل إلى الإساءة إلى سمعة الأمةالعربية. الوحدة مع إسرائيل التي ارتكبت علاوة على جرائمها في المنطقة جريمة كبيرة أخري وهي التنقيب في المسجد الأقصي القبلة الأولى للمسلمين حيث أن إضعاف أسس هذا المسجد قديؤدي إلى انهيار قبلة المسلمين الأولى لاسمح الله. وتحقق إسرائيل بذلك هدفها المشؤوم...
...على العالم أن يدرك أن إيران قد وجدت طريق الله ولن تتصالح مع أمريكا الناهبة للعالم هذه العدوةالحاقدة على مستضعفي العالم وذلك حتى القضاء على مصالحها.
و إن أحداث إيران لن تثنينا لحظةواحدة فحسب بل تزيد عزيمةَ شعبنا مضاءً في القضاء على مصالحها. لقد بدأنا كفاحنا المرير الذي لا هوادةفيه ضد أمريكا ونرجو أن يتمكن أطفالنا من التحرر من نير الظالمين ليرفعوا بيرق التوحيد في العالم ونحن على يقين بأننا إذا قمنا بواجبنا الذي هوالنضال ضد أمريكا المجرمة ليذوق أطفالنا طعم الانتصار الحلو.
أليس وصمة عار على المسلمين أن يرزحوا تحت سيطرةالقوى المستكبرة وقراصنة البحر والبر في هذا القرن وهم يمتلكون هذه الثروات الإنسانية والماديةو المعنوية ولديهم هذه المدرسةالفكرية الراقيهو السند الإلهي؟
ألم يحن الوقت بعد لكي يضعوا الأهواء النفسيةجانباً وأن يتحدوا بالمودة والإخاء وأن يطردوا أعداء البشريةمن الساحة ليختموا حياتهم المليئة بالعار والظلم؟
ألم يحن الوقت بعد للشعب الفلسطيني المجاهد الشجاع أن يقوم باستنكار الألاعيب السياسية لأدعياء الجهاد ضد إسرائيل وأن يوجه السلاح الناري إلى صدر اسرائيل العدوة اللدود للاسلام والمسلمين؟ ماذا يجيب المسلمون على الله الذي دعاهم إلى الاعتصام بحبل الله ونهاهم عن الفرقة والتنازع؟ ألايرون من واجبهم أن يدافعوا عن الشعب الإيراني الذي أسقط بيرق الكفر ورفع علم الإسلام العظيم وعن حكومته؟
هل يعتبر وعاظ السلاطين أن قمع الثورة الإسلامية في إيران أهم من مواجهه أمريكا وإسرائيل. إننا ندعو إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يتحدوا مع الجمهورية الإسلامية وأن يدفعوا شر المجرمين بالاستعانة من الله تعالي وأن ينهوا نهب البلاد الإسلامية ونهب بلاد المستضعفين وأن يلبوا النداء الالهي في هذا الأمر الحيوي. كما نرجو من حجاج بيت الله الحرام أن يدعوا في المواقف الشريفه لنصرة الإسلام وأن يوصلوا نداء، الشعب الإيراني المظلوم الذي يرفع نداء يا للمسلمين إلى بلادهم ونرجو من الله تعالي بكل خشوع أن يمنحنا جميعاً توفيق وحدة الكلمة والتعرف على الواجبات الإسلامية. والسلام على عباد الله الصالحين ورحمة الله وبركاته.
روح الله الموسوي الخميني
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج15، ص: 148
- لفت انظارالمسلمين لما يجري في بلدانهم:
إنه لمن الضروري تنبيه إخواننا المسلمين الأعزاء المجتمعين الآن في مهبط الوحي والرسالة إلى جملة من المسائل والقضايا، التي تكشف لهم الصورة الحقيقية لما يجري في بلدانهم، والخطط والمؤامرات التي تحيكها القوى الكبرى، بهدف إخضاعهم لسلطتها واستغلال ثرواتهم وخيراتهم، والأيدي الخبيثة التي تشعل نيرانها:
1- على أعتاب التقارب والتفاهم الذي يشهده العالم الإسلامي يوماً بعد يوم، وتطلّع الشعوب المسلمة للخلاص والتحرر من سلطة القوى الكبرى وهيمنتها، وإحساسهم بمدى الخطر الذي تشكله الإمبريالية العالمية عليهم. وعلى إثر الصفعة الموجعة التي تلقاها كل من مستبدي الشرق والغرب في إيران، من خلال توحّد شعبها واجتماعهم تحت راية التوحيد والإسلام وتوكلهم على الباري تعالى، راح الشيطان الأكبر يدعو جنده للعمل بشتى الوسائل لزرع بذور التفرقة والعداوة في صفوف المسلمين، ليمهد بذلك الطريق أمام تحقيق أهدافه التوسعية من خلال الهيمنة، ونهب ثروات هذه الشعوب وخيراتها.
فالذي يرعب الشيطان الأكبر هو أن تُصدّر الثورة الإسلامية الإيرانية إلى دول أخرى، إسلامية، وغير إسلامية، فيفقد بذلك سيطرته على تلك البلدان.
وفي الوقت الذي لم يتورع فيه عن محاصرة إيران إقتصادياً، والهجوم عليها عسكرياً، راح يتبع حيل جديدة هدفها تشويه صورة إيران أمام المسلمين، والإيقاع بين المسلمين وإثارة الفتن بينهم، ليخلو له الجو في إدامة سيطرته وهيمنته على تلك الشعوب، هذا في الوقت الذي تسعى فيه إيران للمّ شمل المسلمين، وتوحيد كلمتهم، ورصِّ صفوفهم، عبر التمسك بالتوحيد والإسلام العظيم. ولهذا أمر أحد أزلامه وهو من أصدقاء الشاه البائد، أن يحصل على فتوى من عدد من فقهاء ومفتي أهل السنة، بتكفير الإيرانيين، وقد قال بعض هؤلاء العملاء: «إن الإسلام الذي يدين به الإيرانيون غير الإسلام الذي ندين به نحن». نعم إن الإسلام في إيران غير إسلام أولئك الذين يدعمون ويؤيدون عملاء أمريكا من أمثال السادات وبيغن ، ويمدون يد الصداقة لأعداء الإسلام مخالفين ما أمر الله به، ولا يألون أي جهدٍ أو افتراءٍ فيه فرقة المسلمين وتشتيتهم. فعلى مسلمي العالم أن يعرفوا زارعي الفرقة هؤلاء، وأن يحبطوا خططهم.
2- وعلى أعتاب الهجمة الشرسة التي تشنها القوى الكبرى على الدول الإسلامية، مثل أفغانستان، والمجازر الوحشية الظالمة التي ترتكب بحق الشعب الأفغاني المسلم- الذي يريد الّا يتدخل الأجنبي في شؤونه، ويتصرف في مقدراته، بالأخص أمريكا أم الفساد- وتزامناً مع الهجمات الواسعة النطاق التي تشنها إسرائيل المجرمة ضد المسلمين العزل في فلسطين ولبنان، ومخطط إسرائيل الظالم بإعلان القدس عاصمة لها، وتماديها في الإجرام والقتل والبطش بحق هذا الشعب المسلم المبعد عن وطنه، وفي الوقت الذي يحتاج فيه المسلمون أكثر من أي وقت مضى، لوحدة الكلمة، ورص الصفوف، يقوم أشخاص مثل السادات الخائن العميل لأمريكا والأخ الوفي لبيغن والشاه المخلوع، ويعاضده على ذلك صدام المجرم الخائن العميل، على بث الفرقة بين المسلمين، وتقديم تنازلات، وارتكاب جرائم وخيانات، لا تخدم إلّا مصالح أسيادهم المجرمين.
3- من المسائل التي راح الاستكبار العالمي يثيرها ويدعو أذنابه وعملاءه للترويج لها، مسألة تشديد النعرات القومية، التي تمسّكت بها حكومة العراق لسنوات عدة، وراحت بعض المجموعات في إيران تعزف على أوتارها، ولم تسلم منها سائر المناطق الكردية والتركية وغيرها، ليضعوا المسسلمين في مواجهة مع بعضهم البعض، ويزرعوا العداوة والبغضاء بينهم، متجاهلين من أن الإسلام لا يرفض حب الوطن والقوم والأهل، بل يشجع على ذلك، ولكن بشرط أن لا يتحول هذا الحب إلى حالة سلبية تمزّق صفوف المسلمين، وتزرع بذور العداوة والبغضاء بينهم.
فإن هكذا نزعات قومية، هي على خلاف الإسلام ومصلحة المسلمين، وهي من خدع وأحابيل الأجانب، الذين يقلقهم المد الإسلامي المتنامي يوماً بعد يوم.
4- إن من أخطر المسائل وأكثرها إيلاماً من القومية، مسألة إثارة الإختلاف بين الشيعة والسنة، وزرع بذور العداوة والفتنة بينهم، ونحمد الله تعالى أن ثورتنا الإسلامية لم تشهد شيئاً من هذه الإختلافات، والمسلمون سنة وشيعة يعيشون في ظلها جنباً إلى جنب متآخين متحابين، فأهل السنة، الذين يشكلون جزءاً هاماً من سكان إيران، ويقطنون مناطق كثيرة من أطراف وأكناف البلاد، ولديهم الكثير من العلماء والشيوخ الأفاضل، يعيشون معنا على أساس الإخوة والمساواة، ويرفضون كافة أشكال النفاق ومعزوفاته التي يعزفها بعض المجرمين التابعين والعملاء لأمريكا والصهيونية العالمية. فعلى إخواننا المسلمين من أهل السنة في كافة أنحاء عالمنا الإسلامي أن يعلموا جيداً أن أولئك العملاء والمرتبطين بالقوى الكبرى الشيطانية لا يريدون الخير للإسلام والمسلمين، لذا على المسلمين أن يتبرؤوا منهم، وأن لا يصغوا إلى إعلامهم المنافق وما يبثون فيه من سموم. وإني أمد يد الأخوة إلى جميع مسلمي العالم الملتزمين والغيارى على الإسلام، وأسألهم أن ينظروا إلى الشيعة بعين الأخوة، ليحبطوا بعملهم هذا جميع المخططات المشؤومة للاستكبار العالمي.
5- من الدعايات الواسعة الإنتشار، التي تستهدف أصل الإسلام وإن كانت في ظاهرها موجهة ضد إيران، إن: «الثورة الإيرانية غير قادرة على إدارة بلادنا»، أو «إن حكومة إيران على وشك السقوط، لأنها تفتقر لمقومات الدولة، من اقتصاد سليم، وثقافة صحيحة، وجيش منظم ومنسجم، وقوات مسلحة مجهزة». إن هذه الدعايات التي تبثها وسائل الإعلام الأمريكية وحلفاؤها، والتي يسعد بها أعداء إيران والإسلام، هي في الحقيقة موجهة ضد الإسلام. إنهم يريدون أن يظهروا الإسلام على أنه عاجز عن تشكيل حكومات أو إدارة دول، لذا على المسلمين الآن أن يدرسوا المسائل بدقة، ويقارنوا بين الثورة الإسلامية الإيرانية والثورات غير الإسلامية الأخرى.
فمع أن ثورتنا الإسلامية كانت الوريث لبلد تابع مئة بالمئة ومنهك ومتخلف على جميع الأصعدة، وعلى رغم كل ما فعله النظام البهلوي البائد على مدى أكثر من خمسين عاماً، جرّت البلاد إلى حافة السقوط، وتبديده لثروات الأمة ومواردها من خلال تقديمها رخيصة للأجانب وخصوصاً بريطانيا وأمريكا، وتقسيمه بعض هذه الثروات لأقربائه وحاشيته وأزلامه، على الرغم من كل هذه العقبات التي خلفها لنا هذا النظام البائد، استطعنا وببركة الإسلام والشعب المسلم وخلال أقل من سنتين، أن نتخطى الكثير من العقبات، وأن نقرر وننفذ الكثير من المسائل المتعلقة بإدارة البلاد.
ورغم جميع العقبات التي أوجدتها أمريكا والدائرون في فلكها من حصار اقتصادي، وتدخلات عسكرية، ومحاولات التدبير لإنقلابات داخل إيران، إلا أن أمتنا المجاهدة استطاعت بالاعتماد على الذات، أن تؤمن كافة احتياجات البلاد، وتوصلها إلى حد الإكتفاء الذاتي. وقريباً ستحل الثقافة الإسلامية المستقلة محل الثقافة الاستعمارية التي روّج لها الشاه المقبور، وإن الجيش والقوات المسلحة وقوات حرس الثورة وقوى الأمن والشرطة جميعها على أهبة الإستعداد لإرساء الأمن والنظام والذود عن حياض الوطن والتضحية بالنفس في سبيل الإسلام والدين، مدعومة بقوات التعبئة والجيش المليوني المجهز ذاتياً وتطوعيّاً من قبل أبناء الشعب.
فعلى أعدائنا أن يعلموا، أن ثورتنا الإسلامية لا تماثلها أي من الثورات العالمية، من حيث عظمة الإنجازات وقلة الخسائر.
فبماذا يهذي دعاة السوء هؤلاء؟ إسلام استطاع أن يحكم وعلى مدى عدة قرون نصف المعمورة، واستطاع لمدة أقل من نصف قرن أن يقهر الطغاة المستبدين، كيف يكون الآن عاجزاً عن إدارة دولة؟
إن أمتنا اليوم تساهم بكل فئاتها وشرائحها بشكل فعال في إعمار البلاد وإدارتها وتنظيمها. إن أعداء الإسلام غافلون أو يتغافلون عن مدى قدرة الإسلام على هدم أسس الظلم وتشكيل حكومة وإدارتها على أساس العدالة. إن أعداء الإسلام بل حتى الكثير من أصدقائه، يجهلون الكثير من أحكامه السياسية والاجتماعية وقدرته الإدارية الحقيقية، إن الإسلام كان مهجوراً ومغيّباً على مر القرون التي تلت صدر الإسلام، لذا على جميع المسلمين والعلماء والمفكرين والمهتمين بالشؤون الإسلامية، أن يساهموا في إحيائه من جديد، ليعيدوا له الآن بريقه وتألقه.
يا مسلمي العالم المؤمنين بأحقية الإسلام؛ انهضوا، واجتمعوا تحت راية التوحيد وفي ظل تعاليم الإسلام، واقطعوا أيدي القوى العظمى الشيطانية عن بلدانكم ونهب ثرواتكم، وأعيدوا للإسلام مجده، وتجنبوا الإختلاف والفرقة، ولا تتبعوا أهواء النفس، فإنكم تملكون كل عناصر القوة، وتسلحوا بالثقافة الإسلامية، وواجهوا بها الغرب والمتغربين، واعتمدوا على أنفسكم، وواجهوا أصحاب الفكر الشرقي والغربي والمروجين لهما، واستعيدوا هويتكم الإسلامية، واعلموا أن المثقفين المأجورين كانوا بلاء ومصيبة على أممهم وشعوبهم، وما لم تتحدوا وتعتمدوا على خط الإسلام المستقيم، فستبقون على ما أنتم عليه من الذل والهوان والضعف. فعلى الشعوب في هذا الزمان أن تكون مشاعل نور على درب مثقفيها، وأن تنقذهم من العمالة للشرق والغرب والإنسحاق أمامهما، فاليوم يوم الشعوب وتحركها، واليوم باتت فيه الشعوب هادية للمهتدين.
واعلموا أن قوتكم المعنوية ستتغلب على جميع القوى، وعددكم البالغ ما يقارب مليار مسلم، مع ما تملكونه من غنى كبير في الموارد والثروات، قادر على أن يحطم قوى الكفر. انصروا الله ينصركم. يا أيها البحر الواسع من المسلمين، ثُر وهُج، وحطم أعداء الإنسانية، فإنكم لو تتوجهون إلى الله سبحانه وتعالى، وتعتمدون تعاليم السماء خطاً ونهجاً، فإن الله تعالى وجنوده سيكونون معكم.
6- إن من أهم المسائل التي تواجهها الشعوب المسلمة وغير المسلمة في الدول الخاضعة لسيطرة المستكبرين وأكثرها إيلاماً، هي مسألة أمريكا، فأمريكا التي لم تتورع يوماً عن نهب ثروات الشعوب ومواردها، مستغلة بذلك القوة التي تتفوق بها على الدول الأخرى، تعتبر بحق العدو الأول لجميع شعوب العالم من المحرومين والمستضعفين، إنها لم تتورع عن ارتكاب أفظع الجرائم في سبيل تحقيق أهدافها وهيمنتها الاقتصادية، والثقافية، والعسكرية، والسياسية على العالم.
إنها تستغل شعوب العالم المظلومين من خلال الدعاية الواسعة التي تنظمها لها الصهيونية العالمية. إن أمريكا وعملائها الخونة يمتصون دماء الشعوب المستضعفة، بطريقة، وكأن الحياة في هذا العالم ليست من حق أحد غيرهم. إن إيران التي أرادت أن تقطع علاقاتها بكافة أشكالها مع هذا الشيطان الأكبر، تعاني اليوم من وطأة حرب مفروضة. لقد أجبرت أمريكا العراق على إراقة دماء شبابنا، وفرضت على جميع الدول الخاضعة لنفوذها كي تحاصرنا اقتصادياً للقضاء علينا، ومن المؤسف أن أكثر الدول الآسيوية استجابت لها وراحت تناصبنا العداء، بلا أي ذنب اقترفناه.
على الشعوب المسلمة أن تعلم، أن إيران في حالة حرب معلنة مع أمريكا، وأن شهداءها، هؤلاء الشبان الشجعان، من قوات الجيش وحرس الثورة لم يسقطوا دفاعاً عن إيران فحسب، وإنما دفاعاً عن الإسلام بأسره، ولهذا، فمن الضروري التذكير بهذه المسألة، وهي أن الاشتباكات والأحداث التي تشهدها غرب البلاد، هي من صنع أمريكا، من خلال تحريضها لجماعات لا تعرف الله، وتعيش التبعية والعمالة لها، وذلك بهدف القضاء على ثورتنا، ومضامينها الأصيلة التي تحملها.
ولو هادنّا أمريكا والقوى العظمى الأخرى، فلم نكن نبتلي بهذه المصائب، ولكن شعبنا غير مستعد بأي شكل من الأشكال أن يقبل الذل والهوان، ويفضل الموت القاني، على أن يحيى ذليلًا. نحن مستعدون للقتل، لأننا عاهدنا الله على أن نكون أتباعاً أوفياء لنهج إمامنا سيد الشهداء (ع). يا أيها المسلمون الرافعون أيديهم بالدعاء في جوار بيت الله، أدعوا للصامدين والواقفين بوجه أمريكا، وسائر الدول العظمى، وأعلموا أن حربنا ليست مع العراق، فالشعب العراقي المسلم مؤيد لثورتنا الإسلامية، وإنما حربنا مع أمريكا وعملائها، واليوم وقد خرجت يد أمريكا من الكم العراقي، فستستمر هذه الحرب حتى تحقيق الإستقلال والتحرر الكامل إن شاء الله.
لقد قلت مراراً، بأننا رجال حرب، والإستسلام ليس من شيمتنا نحن المسلمين. أيتها الدول المحايدة، أدعوكم لتشهدوا بأن هدف أمريكا استئصالنا والقضاء علينا. اصحوا قليلًا، وساعدونا في تحقيق أهدافنا. إننا أعرضنا عن الشرق والغرب، وعن الاتحاد السوفيتي وأمريكا، لكي ندير بلادنا بأنفسنا. فهل من الحق أن نتعرض لهجوم الشرق والغرب لأجل أمرٍ كهذا؟
وحتى لو متنا أو استشهدنا أو هزمنا، فإن الأوضاع العالمية الراهنة ستحافظ على أهداف ثورتنا التي لن تهزم بالتأكيد.
لقد قلت مراراً، بأن موضوع احتجاز الرهائن من قبل طلابنا المسلمين المجاهدين الملتزمين، يأتي كرد فعل طبيعي على الممارسات والجرائم التي ارتكبها الأمريكان ضد شعبنا الأبي. وإن إطلاق سراحهم، منوط بالتزام أمريكا، بإعادة أموال الشاه المقبور، وإلغاء جميع الدعاوي الأمريكية ضد إيران، وضمانها بعدم التدخل في شؤون إيران السياسية والعسكرية، وتحرير جميع رؤوس أموالنا.
وإني قد أحلت هذا الأمر إلى مجلس الشورى الإسلامي، ليبت فيه على النحو الذي يرى فيه الصلاح. لقد تعاملنا مع هؤلاء الرهائن على أفضل وجه، ولكن الإعلام الأمريكي وأبواقه لم يتركوا كذبة ولا افتراء ولا تهمة إلا وكالوها على إيران في هذه المسألة. ففي الوقت الذي تمارس فيه أمريكا وبريطانيا أسوأ أنواع الإهانة والتعذيب النفسي والجسدي ضد أبنائنا الأعزاء لا نجد أي مسؤول رسمي في المحافل الدولية، يدافع عن هؤلاء الأعزاء، ولم يدين أي شخص أمريكا وانجلترا بسبب هذه التصرفات الوحشية. نتمنى من الله تعالى أن يمن على جميع الشعوب المضطهدة بالحرية والاستقلال والجمهورية الإسلامية.
روح الله الموسوي الخميني
صحيفة الإمام(ترجمة عربية)، ج13، ص: 157-162